وأتباع التابعين ومن بعدهم من القرون المفضلة التي قال فيها النبي صلى الله
عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثَمَّ
الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، قال الراوي: لا أدري
أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ([1]).
وعصرهم يسمى «عصر القرون المفضلة»، هؤلاء هم سلف لهذه الأمة، الذين أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثَمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثَمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، فهم القدوة لهذه الأمة، ومنهجهم هو الطريق الذي يسيرون عليه في عقيدتهم، وفي معاملتهم، وفي أخلاقهم، وفي جميع شؤونهم، وهو المنهج المأخوذ من الكتاب والسنة؛ لقربهم من الرسول صلى الله عليه وسلم، وقربهم من عصر التنزيل، وأخذهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم خير القرون، ومنهجهم خير المناهج؛ ولذلك يحرص المسلمون على معرفة منهجهم ليأخذوا به؛ لأنه لا يمكن السير على منهجهم إلا بمعرفته وتعلمه والعمل به؛ ولهذا قال جل وعلا: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ﴾ [التوبة: 100]، يعني: بإتقان، ولا يمكن اتباعهم بإحسان إلا بتعلم مذهبهم ومنهجهم وما يسيرون عليه؛ وأما مجرد الانتساب إلى السلف والسلفية من غير معرفة بها وبمنهجها؛ فهذا لا يجدي شيئًا بل قد يضر، فلا بد من معرفة منهج السلف الصالح؛ ولهذا كانت هذه الأمة تتدارس منهج السلف الصالح ويتناقلونه جيلاً بعد جيل، فكان يدرس في المساجد، وفي المدارس والمعاهد والكليات، فهذه هي الطريقة لمعرفته أننا نتعلم منهج السلف الصالح الصافي المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكثر الاختلاف في هذه الأمة،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2651)، ومسلم رقم (2535).