وذلك في قوله: «إِنَّ بني إسرائيل تَفَرَّقَتْ عَلَى
ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفَتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ
مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً»، قالوا: ومن هي
-يا رسول الله- ؟ قال: «مَا أَنَا
عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» ([1]).
هذا منهج السلف الصالح؛ وهو ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وما
كان عليه أصحابه والذين اتبعوهم بإحسان، وتشتد الحاجة إلى معرفة منهج السلف الصالح
للتمسك به؛ لأنه طريق النجاة من النار لقوله: «كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً»، وهي الفرقة
الناجية، وهم أهل السنة والجماعة، «كُلُّهُمْ
فِي النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً»، وهي التي إذا اختلف الناس، وكثرت
المذاهب، وكثرت الطرائق والفرق والأحزاب، هي التي تكون على منهج السلف الصالح؛
وتتمسك به وتصبر عليه حتى تلقى ربها سبحانه وتعالى.
والنبي صلى الله عليه وسلم وعظ أصحابه في آخر حياته موعظة بليغةً أثَّرت فيهم، فبكت منها العيون، ووجلت منها القلوب، قالوا: يا رسول الله، أن هذه موعظة مودع؛ فماذا تعهد إلينا، فقال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ -وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا-؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([2])، وفي رواية: «وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ في النَّارِ» ([3]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2641).