×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

لهذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، أن تسير على منهج السلف الصالح لأنه طريق النجاة، وهذا في قوله جل وعلا: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153]، تتقون النار، وتتقون الضلال، وتخالفون الفرق الضالة، وتسيرون على المنهج السليم حتى تلحقوا بنبيكم وبأصحابه وأتباعه، ومن يتمسك بهذا -خصوصا في آخر الزمان- فسيلقى تعبًا من الناس والمخالفين، سيلقى تأنيبًا وتهديدًا فيحتاج إلى صبر، سيلقى مغريات للصرف عن هذا الطريق، أو تهديدات، ترغيب وترهيب من الفرق الضالة والمناهج المنحرفة، فيحتاج إلى صبر؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ([1])، قيل: من الغرباء؟ قال «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ» ([2]). وفي رواية: «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ([3]).

فلا يسلم من الضلال في الدنيا، ولا يسلم من النار في الآخرة إلا من سلك هذا الطريق، منهج السلف الصالح، وهم الذين قال الله فيهم: ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا ٦٩ذَٰلِكَ ٱلۡفَضۡلُ مِنَ ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمٗا ٧٠ [النساء: 69، 70].

ولهذا فرض الله علينا أن نقرأ سورة الفاتحة في كل ركعة من صلواتنا -فريضة أو نافلة-، وفي آخرها هذا الدعاء العظيم ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ [الفاتحة: 6]؛ لأن هناك طرقا منحرفة خادعة،


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (145).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2630).

([3])  أخرجه: أحمد رقم (16690).