والتفقه في الدين يكون بأمور:
أولها: التلقي على أهل العلم، بحضور الدروس التي تُلقى على الطلاب، فيتلقون العلم
عن مشايخهم أينما وجدوهم، حتى ولو رحلوا إليهم، فالإنسان لا يكتفي بأنه يحب الخير؛
ولا يكتفي بأن يشتري كتبًا ويطالعها، أو يكتفي بأنه يستمع أشرطة مسجلة، بل لا بد
من حضور دروس العلم؛ أينما وجدت يحضرها، إما أن يشارك في القراءة على العلماء،
وإما أن يستمع للقراءة، ويستمع لتوضيح العالم لما يُقرأ عليه؛ فيستفيد الطالب
والمستمع؛ فيحصل الفائدة من القراءة على العلماء، فهذا هو أول وأولى وسائل تلقي
العلم والتفقه في الدين؛ لأن العلم بالتعلم، والتعلم لا بد أن يكون على أهل العلم،
باللقاء بهم وحضور مجالسهم، فإذا وُفِّق الإنسان لطريق العلم فقد سار بطريق العلم،
فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَلَكَ
طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ الله بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ،
وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ» ([1]). ومن رغب في شيء؛
جد في طلبه حتى يحصله.
كذلك من وسائل التفقه في الدين: الانتظام في الدراسة النظامية، في المدارس وفي المعاهد وفي الكليات، هذه الدراسة النظامية فيها مقررات علمية في فنون العلم، ويعين لها مدرسون لهم اختصاص لكل فن من هذه الفنون المقررة، وهذه المقررات مختارة من كتب الأصول العلمية والمختصرات: في الفقه -مثلاً-، أو في أصول الفقه، في الحديث، في مصطلح الحديث، في النحو والعلوم العربية، في التفسير، وهكذا، يحضر أو ينتظم في سلك الدراسة النظامية، أو يحضر الدروس في المساجد وحلق الذكر.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3641)، والترمذي رقم (2682)، وأحمد رقم (21715).