وكذلك يحتاج طالب العلم إلى طول الوقت والصبر، صبر في الدراسة، ولا يمل ولا
ييأس إذا صعب عليه شيء، فلا ييأس ويحاول حتى يسهل عليه ذلك الشيء، يقول الشاعر:
اطلُبِ العلمَ ولا تَضْجَرَا **** فآفةُ الطالِبِ أن
يَضْجَرَا
أَمَا تَرَى الْحَبْلَ بِتَكْرَارِهِ **** فِي
الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ قَدْ أَثَّرَا
فمع طول المحاولة وإخلاص النية لله؛ يوفق الإنسان للوصول، وربما الذي يحصل
بعد ذلك أثبت من الذي يحصل بسهولة، يذكر أن رجلاً -أو طالبًا- حاول دراسة النحو،
والنحو صعب مداخله ومبادئه، حاول ولم يستطع أن يفهم شيئًا في علم النحو، وبينما هو
مستلق على ظهره نظر، فإذا نملة تصعد في الجدار وتجمل شيئًا، وكلما شارفت على
النهاية سقطت، ثم تعود، وفي المرة الأخيرة ظهرت على الجدار، فقال: هذه نملة حاولت
وصابرت حتى وصلت وأنا أتكاسل عن مواصلة الطلب؟! فعاد إلى الطلب، وكرر وكرر فوفقه
الله عز وجل، وحصل على علم النحو، فمن جد وجد، ومن طلب العلا سهر الليالي، ومن
اهتم بشيء؛ فإنه يصبر على تحصيله ولو بالمشقة.
وكذلك لا يستطيل وقت طلب العلم، ويقول: طلب العلم يحتاج إلى سنين! فلا بد
أن يصبر ولو طالت المدة، حتى يصل إلى الغاية بإذن الله عز وجل، كل هذا في سبيل
الطلب والتحصيل.
ومما يُثبت العلم بعد تحصيله وينميه: العمل بالعلم؛ ليس المقصود
من أنك تتعلم، وتحفظ العلم! فطلب العلم وسيلة وليس غاية، فالغاية هي العمل بالعلم،
فإذا علمت شيئًا من العلم النافع فالواجب أن تعمل به، والعمل بالعلم يثبته، وينزل
البركة فيه، فعلم بلا عمل كشجر بلا ثمر،