ويقولون: «العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل».
فالذي لا يعمل بعلمه لا بد أن يتفلت العلم منه، ولا يكون فيه بركة ولا خير.
كذلك مما ينمى العلم ويجعل البركة فيه: تعليم الجهال ونشر العلم، فليس العلم ما بقي في النفس فقط، العلم لك ولغيرك، فما حصلت عليه من العلم وتأكدت منه؛ علمه للناس؛ لتحصل على أجرك وأجر من علمته، فلا بد من نشر العلم، والله جل وعلا قال: ﴿وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ﴾ [التوبة: 122] يعني: يذهبون لطلب العلم على الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يتيسر لهم ذلك، ﴿فَلَوۡلَا نَفَرَ﴾ يعني: هلا نفر ﴿مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ﴾ من كل قبيلة واحد أو اثنان، ومن كل بلد واحد أو اثنان؛ يذهبون لطلب العلم، والطائفة يطلق على الواحد، فالواحد أو أكثر يسمى طائفة، ﴿لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ﴾ أي يتفقهون على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن بعد الرسول صلى الله عليه وسلم يتفقهون على العلماء، وكما في الحديث: «إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ» ([1])، فإذا مات الأنبياء فإن العلماء هم ورثتهم، يحملون العلم، وهذا شرف للعلم، أن حملته ورثة الأنبياء عليهم السلام، ﴿وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ﴾، فليس المقصود أنك تتعلم لنفسك، وإنما تعلم المحتاجين إلى العلم، وتنشر هذا العلم في قومك؛ لأن قومك هم أولى بعلمك وأولى بنفعك، فأنت بادر أهل بلدك وجماعتك وقبيلتك قبل غيرهم، ﴿لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ﴾ الشرك والمعاصي؛ هذا التوجيه الإلهي في طلب العلم، قال: ﴿فَلَوۡلَا نَفَرَ﴾، يعني: سافروا لطلب العلم، أما إنك تقول: لن أطلب العلم فليس لدي علماء، إذا كان ليس لديك علماء فلتبحث عن العلماء،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3641)، والترمذي رقم (2682)، وأحمد رقم (21715).