×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ القِيامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ به، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: قاتَلْتُ فِيكَ حتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ قاتَلْتَ لأَنْ يُقالَ: جَرِيءٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ، ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعَلَّمَهُ وقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وعَلَّمْتُهُ وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ: عَالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ: هو قارِئٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ، ورَجُلٌ وسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وأَعْطاهُ مِن أصْنافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: ما تَرَكْتُ مِن سَبِيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فيها إلاَّ أنْفَقْتُ فيها لَكَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقالَ: هو جَوادٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ في النَّارِ» ([1]).

فأول من تسعر النار بهم هؤلاء الثلاثة: العالم الذي يتعلم العلم ويريد به المدح والثناء، أو يريد به طمع الدنيا، والمتصدق الذي يريد الرياء والسمعة، والمجاهد الذي يجاهد لا يريد الأجر؛ بل يريد أن يقال: إنه شجاع، إنه بطل! هؤلاء يسألهم الله يوم القيامة.

فليحذر طالب العلم من سوء النية وسوء القصد، فلا يكون قصده إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة، العلم أشرف من أن يطلب به الدنيا أو للرياء، أو يطلب به وظيفة، العلم يطلب به الجنة ومرضاة الله سبحانه وتعالى، لا أحب أن أطيل في هذا؛ بل نترك المجال للأسئلة.

**********


الشرح

([1])  رواه مسلم رقم (1905).