ثم قتلها وأكلها فمات من
أثر السم، فلو سأل عالما عن هذه اللفظة وتأكد منها لسلم؛ فمجرد المطالعة من دون
الرجوع إلى أهل العلم؛ مضرة عظيمة على الإنسان وعلى غيره، فانظر كم أهلك
المتعالمون من الناس، الخوارج ما ضلوا وهلكوا إلا بهذه الطريقة، فقد انعزلوا عن
الصحابة، وعن علماء الصحابة، وصار يتعلم بعضهم على بعض، ويحفظون القرآن، ويصومون
ويقومون الليل، ولكنهم لم يتعلموا على أحلي من العلماء، فصاروا يحقرون أهل العلم؛
ويقولون: «أهل العلم لا يفهمون، ليس فيهم
غيرة»، فنشؤوا على أنفسهم وعلى أمثالهم فخرجوا عن منهج السلف، وعن طريقة
الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يأتوا العلم من أبوابه، فهلكوا وأهلكوا،
ولا يزال هذا فيهم إلى اليوم، فالذين اعتزلوا العلماء وطعنوا فيهم واحتقروهم،
وصاروا يتعلمون على الكتب أو على بعضهم البعض، هم آفة المسلمين الآن.
فطلب العلم يحتاج إلى أصوله، ويحتاج إلى أهله، ويحتاج إلى الصبر على طول
المدة وتكرار المحاولات، العلم صرح عال، والشيء العالي لا تصل إليه إلا بالتعب،
والعلم مرتبة عالية تحتاج إلى مكابدة وإلى تعب، مع إخلاص النية لله عز وجل، فمن
الناس من يطلب العلم للترفع الوظيفي، أو يطلبه للوظيفة، يطلبه للمدح، فهذا أول من
سعر به النار يوم القيامة، فأول من تسعر به النار المتصدق الذي يرائي بصدقته،
والعالم الذي يرائي بعلمه ويريد مدح الناس أو يريد طمع الدنيا، قال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ
ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا وَهُمۡ فِيهَا لَا
يُبۡخَسُونَ ١٥أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ
وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١٦﴾ [هود: 15، 16].