أنت في لذة وفي عبادة، أنت
تسير مع ركب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، أنتم ترون في
سير العلماء ما يعجبكم من ملء فراغهم وتطلعهم، وأسفارهم ورحلاتهم في طلب العلم حتى
على أقدامهم، ليس هناك مراكب، قل أن يوجد في وقتهم مركب يركبونه أو يحملون عليه،
بل كانوا يسيرون على أقدامهم في الغالب، أنتم -ولله الحمد- توفرت لكم وسائل النقل
وتهيأت الأسباب، فاغتنموها في التحصيل، ولكن ليس معنى هذا أنك في وقت الدراسة
والطلب أنك تتوسع في طلب العلم، لأن العلم كثير ومتشعب، وربما تتحير فيه، ولكن
امسك طريق المنهج المقرر عليك، هذا طريق امسكه واتقنه، فإذا تخرجت وقد أتقنت هذا
المنهج؛ فإنك لا تقف عنده؛ بل تزود من العلم؛ لأنك قد أصبحت مؤهلا، أما قبل ذلك
فأنت لست مؤهلا للتوسع في طلب العلم، خذ طريقا أولا ومنهجا أو يفتح لك باب العلم،
وهو هذه الدراسة النظامية، هذه مفتاح للعلوم تبني عليه في المستقبل، مع ما أشرنا
إليه أنه لا بد من العمل بالعلم، كما قيل: «العلم
يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل»، «علم
بلا عمل كشجر بلا ثمر».
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا
وإياكم العلم النافع، والعمل الصالح، وأن نحمل هذا العلم لنؤديه للناس، وأن نرشد
الناس، ونوجه الناس لا سيما أهالي بلادنا، ﴿وَأَنذِرۡ
عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214]، فنبدأ ببلادنا ولو أن كل طالب علم إذا
رجع إلى بلده نشر ما معه من الخير؛ لانتشر الخير في بلاد الله جل وعلا عن طريق
هؤلاء الطلاب الذين حملوا إليه ما معهم، هذا أحسن من أنك