فإن الدين لا يقوم إلا على العلم، ولا تصلح الدنيا والآخرة إلا بالعلم الذي
بعث الله به رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فالعلم أولاً، قال تعالى: ﴿فَٱعۡلَمۡ
أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ
وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ﴾ [محَمَّد: 19]، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.
والعلم إنما ينبثق من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويسير على منهج السلف الصالح من هذه الأمة؛ فلذلك وجدت هذه الجامعات مسبوقة
بالمدارس والمعاهد، ابتدائي متوسطة وثانوية، ثم الجامعات، ومن أخص هذه الجامعات:
الجامعة الإسلامية، التي أنتم تنتمون إليها، فهي -على اسمها- جامعة للمسلمين من
أقطار الأرض، والله جل وعلا قال: ﴿وَمَا
كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ﴾ يعني: للجهاد وطلب العلم، ﴿كَآفَّةٗۚ﴾ أي: كلهم، لا بد أن
يكون النفير من فئة مخصصة، مهيئة لتلقي العلم، ﴿كَآفَّةٗۚ
فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ
وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة: 122]،
ليتفقهوا في الدين أولاً، فالتفقه يسبق الإنذار والدعوة إلى الله، فلا بد من العلم
أولاً، والعلم لا يأتي عفوًا، ولا يأتي من القراءة في الكتب، ولا يأتي من استماع
الأشرطة، فهذه وسائل فقط، إنما العلم على أيدي العلماء، فالعلم بالتلقي عن أهل
العلم، وأهل العلم لا يتيسر وجودهم في كل مكان، بل يكونون في أمكنة يختارها الله
لهم، فينفر الطلبة إليهم من كل جهة،﴿فَلَوۡلَا
نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ﴾، ﴿طَآئِفَةٞ﴾: يعني أناسًا
مهيئين لطلب العلم، وهم أفراد أو جماعات، وكان في الزمان السابق العلم يتلقى في
المساجد، كل عالم يكون في مسجد من البلد، ويفد الناس إليه في المساجد، هذا هو
الأصل، كما كانوا يفدون على