×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

 دخلوا فيه رغبه ومحبة، فهو بنفسه ينتشر، فكيف إذا كان له دعاه وحملة، فهذا الدين بنفسه ينتشر لصفاء مصادره، وبصحة مبانيه ينتشر، أما دين اليهود والنصارى فإنه لا يقبل: إلا طمعًا في الدنيا وفيما يبذل من الأموال، ولكنه لا يدخل إلى القلوب، رغم ما ينفقون فيه ويتعبون فيه، فهذا الدين هو بنفسه ينتشر، وهو بنفسه يدخل القلوب، فكيف إذا حمله أهله حملاً صحيًا وبلغوه للناس على وجهه الصحيح؟ فإنه كما حصل في صدر هذه الأمة، بلغ المشارق والمغارب، وسقطت أمامه الدول الكبرى، دولة الروم، ودولة الفرس، سقطت تحت راية هذا الدين الذي حمله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فهم رهبان بالليل، بالقيام والركوع والتهجد، وفرسان في النهار بالجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، لا طمعا في مال، ولا طمعًا في ولاية، وإنما لإعلاء كلمة الله، فحصل ما حصل من انتشار هذا الدين في المشارق والمغارب كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ([1])، وكما في قوله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ [التوبة: 33]، فهو الذي أرسل رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، الهدى: هو العلم النافع، ودين الحق: هو العمل الصالح، فالله بعث رسوله صلى الله عليه وسلم للعمل الصالح والعلم النافع، فانتشر هذا الانتشار -ولله الحمد- يقاومه الكفار الآن ويصارعونه، ولكنه سيتغلب -بإذن الله- إذا وجد حمله يحملونه حملاً صحيحًا، فلن يقف في وجهه أحد، والمسلمون باقون -ولله الحمد-، ولكن يحتاجون إلى التعلم،


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (19657).