أيها الإخوة الأئمة والخطباء:
لقد ولاكم الله ولاية عظيمة؛ هي الإمامة في الصلوات الخمس في اليوم
والليلة، والجمعة للخطبة والصلاة أسبوعيًّا، فأنتم تقودون مَن خلفكم في الخير، ولا
شك أن المؤمن إذا كان إمامًا في الخير فإنها علامةٌ على توفيقه، ومن أفضل من
الامام الذي يتقدم الناس في الصلاة، ويتلوا عليهم كتاب الله، والخطيب الذي يقف
أمامهم، وتحته الكبير والصغير، والأمير والمأمور، كلهم تحته يتلقون من توجيهاته،
ويستمعون إلى كلماته، وهذا من مزايا هذا الدين العظيم، دين الإسلام الذي جمع الله
به بين المسلمين؛ دون نظر إلى أنسابهم وإلى أحسابهم وإلى ديارهم، فهم إخوة في مشارق
الأرض ومغاربها أحياءً وأمواتًا، ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ
لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾ وهذا يشمل جميع
امؤمنين من أول الخليقة إلى آخرها، ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ
لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا
غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر: 10].
فالاجتماع في هذه العبادات -الصلوات الخمس، والجمعة، والعيدين، والحج، وغير
ذلك مما تُشرع له الجماعة من الكسوف والاستسقاء - لا شك أن هذا الدين حريص على
اجتماع كلمة المسلمين؛ لأنهم في هذه الاجتماعات يتربون على التآلف والتعارف
واجتماع الكلمة.
والإمامة قيادة؛ لأن الاجتماع والمجتمع لا يحصل إلا بقيادة فهذه تربية على
الاجتماع، وعلى القيادة للمسلمين، والمجتمع كله لا يصلح إلا بقيادة؛ فهذا تربية
على الاجتماع وعلى القيادة للمسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم أول ما قدم
المدينة مهاجرًا من مكة أول عمل قام به بناء المسجد النبوي الشريف ليجتمع فيه
المسلمون؛ لأداء صلواتهم وجمعتهم، وليحضروا الدروس والتوجيهات التي يلقيها عليهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حين وآخر.