فديننا -ولله الحمد- دين الاجتماع؛ لأن الاجتماع قوة ورحمة، والفرقة عذاب،
والله جل وعلا قال: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ
بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ
عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم
بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا﴾ [آل عمران: 103]، ولا يُبقي هذه الإخوة وينميها إلا
الاجتماع في الصلوات الخمس والجمعة وكل ما تُشرع له صلاة الجماعة، كل هذا تأسيس
وتأصيل وتربية على الاجتماع على الخير.
والإسلام نهى عن التفرق: ﴿وَلَا
تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ
وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [آل عمران: 105]، وحث صلى
الله عليه وسلم على الاجتماع في الصلاة، وقال: «إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الإِْنْسَانِ -كَذِئْبِ الْغَنَمِ-، يَأْخُذُ
الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ» ([1])، فإذا اجتمع
المسلمون ابتعد عنهم الشيطان، وإذا تفرقوا دبَّ إليهم الشيطان، فالاجتماع رحمة،
والاجتماع لا بد له من قيادة تبدأ من إمام المسجد، وتنتهي بولي الأمر العام، وهو
الإمام الأكبر.
فالأمة المحمدية مجتمعة -ولله الحمد- على الحق في القول والعمل والاعتقاد،
ومصدرهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا حافظوا على هذا الاجتماع
انخنس عنهم الشيطان، وابتعد عنهم شياطين الإنس والجن، وبقيت للأمة قوتها وعزها
وكرامتها، وهابها العدو.
فأنتم -يا معشر الأئمة والخطباء-، تتولَّون مهمةً عظيمة تقودون المسلمين إلى الاجتماع وصفاء القلوب ونشر العلم النافع ونشر العقيدة الصحيحة؛ ولذلك كل أسبوع فيه اجتماع؛ سواء كان لصلاة، أو لدرس علمي، أو لموعظة، أو لتنبيه يهم الأمة، ولا بد أن يكون ذلك في المساجد؛ لا يكون هنا وهناك وتعطل المساجد.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (22029)، والحارث رقم (606)، والطبراني في الكبير رقم (344).