كغيرها من البلاد الأخرى؛
لأنه كلما تأخر الزمان يفشو الجهل، وتكثر البدع والمحدثات، إلا أن الله يقيض لها
من بين ضررها على الناس ويدفعها عنهم، وكان من أولئك هذا الإمام الجليل رحمه الله
بعدما تضلع من العلم من خلال الرحلات العلمية التي رحلها لطلب العلم، وعكف على كتب
الشيخين الإمامين: شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم رحمهما الله،
فنهل منها علمًا غزيرًا، وزاد ما عنده من العلم الذي تلقاه عن علماء وقته، فلم ير
بدا من أن يبين للناس، وأن يدعوهم إلى الله، وهذه مهمة العالم.
قال الله: ﴿وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ
طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا
رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة: 122].
وهو رحمه الله نفر في طلب العلم وتلقاه عن أكابر علماء وقته، ثم نشر علمه
على أهل هذه البلاد، ودعا إلى الله عز وجل على بصيرة؛ بالحكمة والموعظة الحسنة
والجدال بالتي هي أحسن، كما قال الله جل وعلا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ
رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ
أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ
أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [النحل: 125].
فهذا الإمام سلك هذا المسلك الذي أرشد الله إليه في هذه الآية، بعدما تضلع
في العلم، ورحل في طلبه، وتلقاه عن أكابر علماء وقته، فقام بالدعوة إلى الله:
خصوصا الدعوة إلى التوحيد؛ لأن علماء وقته كانوا يهتمون بالفقه وتلقيه، ويسافرون
إلى الشام ليتلقوا العلم عن علماء الحنابلة في الشام، ويعودون بالفقه وكان
اهتمامهم به، بينما هذا الإمام