انتبه إلى العقيدة، فجد
واجتهد في إماطة ما علق بها من الضلالات والشبهات وجدد هذا الدين، ووفقه الله
سبحانه وتعالى بما قيض له من ولاة الأمر الذين بايع إمامهم وجدهم الإمام محمد بن
سعود رحمه الله، بايع الشيخ على نصرة دين الله، والدعوة إلى الله، واتفقا على ذلك،
هذا بسلطته وهذا بعلمه، فجعل الله من أثر ذلك خيرًا كثيرًا على هذه البلاد وما
حولها، وامتدت دعوة الشيخ إلى خارج بلاد نجد، فامتدت إلى الهند إلى علماء الحديث
هناك، وامتدت إلى مصر، ومن آثارها أنصار السنة المحمدية، وامتدت إلى السودان،
وامتدت يمينًا وشمالاً، فنفع الله بها نفعًا عظيمًا وأيقظ الله بها أجيالاً
متتابعة، ولا تزال ولله الحمد، على هذه الطريقة المحمدية التي جددها هذا الإمام
ودعا إليها وبصّر بها، وذلك من فضل الله عليه وعلى الناس.
كثير هم العلماء، ولكن قليل منهم من يتجه هذا الاتجاه، وهو الدعوة إلى إصلاح العقيدة، قليلون ولكنهم هم ثمرة العلماء في كل زمان ومكان، فهم يجددون هذا الدين، ويميطون عن العقيدة ما علق بها من الشبهات والعوائد المخالفة، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، ومصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُم حَتَّى يَأْتِي أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» ([1])، فهذا الإمام قام بالدعوة إلى الله وتصحيح العقيدة وألف الكتب والرسائل، وجلس لطلبة العلم، وهاجر إليه طلبة العلم من مختلف البلاد، فأورث ذلك نهضة علمية في هذه البلاد، توارثها من جاء من بعده، توارثوها وكان من نتاج هذه الدعوة هذه الثروة العلمية الخالصة من الكتب المفيدة التي في أيدي الناس اليوم، هكذا يكون المجددون.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1920).