قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: «لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ
حُمْرُ النَّعَم» ([1])، فالله جل وعلا هدئ
بهذه الدعوة أجيالاً كثيرة، ولا تزال ولله الحمد أثرًا محمودًا، وطريقًا مضيئًا
يهتدي به الناس، تمدد -ذلك في مختلف البلاد الإسلامية-، ونشأ من ذلك أجيال نشأت
على التوحيد وماتت على التوحيد، ويرجع فضلها وأجرها -إن شاء الله- إلى هذا الإمام
المجدد، وهكذا ينبغي للعلماء دائمًا وأبدًا.
وهذه الدعوة آتت ثمارها ومآثرها ظاهرة؛ نتيجة للإخلاص الذي نشأت عليه، فهي
دعوة خالصة، وإلا كثير هم الدعاة الآن، وهناك جهات للدعوة، وهناك ميزانيات للدعوة،
ولكن الثمرة قليلة، وهذه الدعوة ولله الحمد نظرا للصدق من صاحبها وأنها مرتبطة
بالعلم الصحيح.
قال الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ
هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ
وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [يوسف: 108].
﴿أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ هذه طريقة الرسول
صلى الله عليه وسلم هو ومن اتبعه؛ ممن يأتي بعده من الدعاة إلى الله عز وجل.
﴿عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾ يعني: على علم؛ لأن الداعية لا بد أن يدعو عن علم لا عن جهل بأن يتعلم أولاً ثم يدعو؛ فهذا الإمام ما باشر الدعوة إلا بعدما تضلع من العلم أولاً على علماء وقته، من كان في بلده ومن سافر إليهم، ولما تضلع في العلم ونظر إلى أحوال الناس؛ قام بالدعوة إلى الله عن صدق وإخلاص، ولما كان الداعية يحتاج إلى من يعينه ويسنده من السُّلطة عرض الشيخ دعوته على أمراء زمانه ليساعدوه،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3009)، ومسلم رقم (2406).