×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

 ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل في موسم الحج، فيقول: «مَنْ يُؤْوِينِي؟ مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي، وَلَهُ الْجَنَّةُ؟» ([1])، حتى قيض الله له الأنصار من أهل المدينة، وبايعوه على النصرة والإعانة، وانضموا إلى إخوانهم من المهاجرين، فكان الأنصار والمهاجرون حول الرسول صلى الله عليه وسلم، فانتشرت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأيدت وانتصرت بالله؛ ثم بالأنصار والمهاجرين من حول الرسول صلى الله عليه وسلم.

فهذا الإمام نحا هذا المنحى مقتديا بالرسول صلى الله عليه وسلم، فعرض هذه الدعوة على الإمام محمد بن سعود أمير الدرعية في وقته، وقد كانت بلاد نجد قبل دعوة هذا الإمام متفرقة؛ كل بلد لها امير وتحكم نفسها بنفسها، ولا تخضع للبلدة الأخرى، فكانت بلاد نجد على هذا النمط، وكانوا لا يهتمون بالعقيدة إلا ما شاء الله.

فلما قامت هذه الدعوة توحدت البلاد كلها؛ من أقصاها إلى أدناها تحت قيادة واحدة، وإمامة واحدة، ببركة هذه الدعوة ولا تزال ولله الحمد، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن تستمر وأن تقوى وأن تزيد بإذن الله؛ لأنها دعوة نشأت على العلم النافع وعلى العقيدة الصحيحة، وعلى الإيمان الراسخ وعلى الجهاد في سبيل الله لنصرة دين الله، فكان لها النجاح ولله الحمد، وإلا فما أكثر الدعاة اليوم والمؤسسات والميزانيات التي جعل للدعوة!، ولكن أين البركة فيها وأين الإنتاج فيها!، فيها خير إن شاء الله، ولكن إذا قارنتها بدعوة الشيخ وبغيره من دعوات المصلحين تجد الفرق واضحًا، شخص واحد قام بها بدون مال وبدون شيء؛


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (14456)، والحاكم رقم (4251).