×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

 فصارت تحت إمام واحد وقيادة واحدة ثم تمددت إلى الحرمين الشريفين وخدمتهما، وتهيئتهما للحجاج والمعتمرين والزوار والمعتكفين، وتحملت هذه الدعوة بعلمائها وأمرائها تحملت عبئًا ثقيلاً، ولكن الله أعانها على ذلك، ومكَّن لها، نسأل الله أن يديمها حصنا للإسلام والمسلمين، وحامية لهذه الدعوة بحماية الله سبحانه وتعالى.

انتشرت هذه الدعوة في مصر والسودان، وانتشرت في بلاد الهند، وانتشرت في بلاد كثيرة -والحمد لله-، لم تنتشر لطمع دنيوي، أو لسلطة حاكمة، وإنما انتشرت بوضوحها وبيانها وصفائها وخلوصها من الأطماع، يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [يوسف: 108]، هذا المنهج الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المنهج الذي سار عليه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، رضي الله عنهم، وسار عليه من جاء بعدهم من الأئمة والولاة حتى وصلت إليكم، أنتم الآن المسؤولون عنها، تتعلمون هذه الدعوة ومنهجها، وتحمونها مما يعكِّر صفوها، وتنفون عنها شبهات الجاهلين، فهي دعوة وسط بين الجفاء وبين الغلو، هذه دعوة مباركة ليست تنتحي منحى التشدد والغلو -كما عليه الخوارج ومن يسير في ركابهم-، فلكل قوم لهم وارث، لا تحسبوا الخوارج انتهوا، وأن ما ذكر في العقيدة من الفرق أنهم انتهوا وانقرضوا، لا، هم موجودون في كل زمان، فهذه الدعوة جعل الله فيها الخير، وبينت العقيدة الوسط بين الجفاء والإعراض، وبين الغلو والتشدد، عقيده وسط -والحمد لله-، ولهذا بقيت واستمرت، لو كان فيها غلو ما بقيت، ولو كان فيها جفاء لم تبق، وإنما بقيت لأنها عقيدة وسط بين الغلو والجفاء،


الشرح