×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

 بحيث إذا رآه الآخرون تأثروا به وانتفعوا به وبملازمته لطاعة الله، وبمحافظته على الصلاة وبذكره الله، وإن لم يتكلم مع الآخرين، عمله هذا دعوة إلى الله عز وجل، فهو يمثل الدعوة إلى الله عز وجل؛ فكل منا مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى بحسب ما حمله الله عز وجل من الأمانة التي أوجبها الله على كل مسلم، فما دمت مسلمًا فأنت مسؤول عن الآخرين أن تدعوهم إلى الإسلام وتبصرهم بالإسلام، وأن تشرح لهم الإسلام، أو على الأقل أن تكون قدوة صالحةً في نفسك؛ فيقتدون بك ويتأثرون بك بمجرد ما يرونك على الاستقامة، وعلى الدين وعلى الأمانة، فهذه أمور نحن نغفل عنها، أو يغفل عنها بعضنا؛ مع أنها أمور عظيمة، وأمور فيها الأجرُ العظيم عند الله إذا قمنا بحقها، وعلينا الإثم إذا ضيعناها؛ فكل مسلم مكلفٌ بأن يدعو الآخرين بحسب جهده -ولو بعمله هو-؛ حتى يكون قدوة صالحة للآخرين، فيتمثلون بالإسلام من عمل المسلم؛ هناك أناس تأثروا ببعض المسلمين لما رأوهم يحافظون على الصلاة، ويحافظون على الوضوء، ويذكرون الله كثيرًا، تأثروا بهم وقلدوهم واتبعوهم، فيكون الإنسان قدوة صالحة في نفسه، وفي عمله وفي علمه، وفي سلوكه وفي أمانته، فهو بعمله هذا يدعو إلى الله- ولو كان ساكتًا-؛ لأنه يدعو بعمله أكثر مما يدعو بعلمه، فكيف إذا دعا بعلمه وبعمله؟ يكون الأجر عند الله أعظم.

وأما من استسلم، وترك الناس، وترك الدعوة؛ فهذا ضيع مسؤوليته في هذه الحياة، قال تعالى: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ [آل عمران: 187]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أُوْلَٰٓئِكَ يَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلۡعَنُهُمُ ٱللَّٰعِنُونَ ١٥٩إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَتُوبُ عَلَيۡهِمۡ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ١٦٠ [البقرة: 159، 160].


الشرح