فدعوة هذا الإمام المجدد الذي تحقق فيه -إن شاء الله- قول الرسول صلى الله
عليه وسلم: «إِنَّ الله يَبْعَثُ لِهَذِهِ
الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» ([1]).
فهذا الإمام قام بالدعوة في القرن الثاني عشر من الهجرة؛ لأنه ولد سنة ألف
ومئة وخمس عشرة من الهجرة، فهو في القرن الثاني عشر من قرون الهجرة النبوية، قام
بهذه الدعوة على نهج الكتاب والسنة، ولم يقم بها على نهج فلان أو الجماعة الفلانية
من الجماعات الحزبية أو الطائفية، وإنما على نهج الكتاب والسنة، فلهذا بقيت
واستمرت وأثمرت.
أما الدعوات التي تقوم على مناهج حزبية، أو مناهج منحرفة عن الكتاب والسنة؛
فإنها تبلى وتضمحل؛ كما قال الله جل وعلا: ﴿فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ
فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ [الرعد: 17].
يُذكر أن إبراهيم باشا لما دمر الدرعية، وقتل من قتل، ورحَّل من رحَّل من علماء هذه الدعوة، قالوا له: هل انتهت هذه الدعوة؟ قال: لا، هذه الدعوة جذورها في الأرض باقية وستعود؛ فعادت هذه الدعوة -والحمد لله- رغم ما اعترضها من الأحداث فإنها لم تؤثر فيها بل بقيت وستبقى -بإذن الله-؛ لأنها قائمة على أصل الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، مع صلاح نية المؤسس لها؛ لأنه يدعو إلى الله جل وعلا، ولا يدعو إلى نفسه، ولا إلى مذهبه، وإنما يدعو إلى الله عز وجل، وهو يقول رحمه الله عند قوله تعالى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ [يوسف: 108]، قال: «فيه الإخلاص في الدعوة؛ لأن بعض الناس إنما يدعو إلى نفسه، ولا يدعو إلى الله»، هذا مما استنبطه في مسائل كتاب التوحيد في أوله.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4293)، والحاكم رقم (8592).