اليوم -والحمد لله- صار الوعظ والتوجيه والتذكير في المسجد ينتشر وليس
مقصورا على المسجد ومن فيه، وإنما ينتشر ويأخذ طريقه إلى الناس، فيستفيد منه كل من
يسمعه: قريب كان أو بعيدًا، فليستعد لذلك مع إخلاص النية لله عز وجل؛ ليكتب الله
له الأجر العظيم على ما نشره من العلم، وما وجه به من التوجيه السليم، ليس
للحاضرين أمامه فقط، وإنما يتمدد عن طريق البث، وعن طريق نشر الخطب والمواعظ،
فينتشر ويسجل ويحتفظ به، وينفع الله به أجيالاً من الناس حاضرًا ومستقبلاً، فليكن
الخطيب على استعداد لهذا الأمر، وذلك بأن يتأهب ويسأل الله العون والتوفيق بنية
صالحة خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى، حتى يكتب له الأجر على ما قال وأبدئ، ولا
يقتصر هذا على اليوم الذي يلقى فيه كلامه وتوجيهه، بل يسجل ويحتفظ به ويسمعه من
شاء الله ويتناقل عند الناس بمختلف الوسائل، وأنتم تعلمون هذا أكثر مني، ولكن هو
المذاكرة والتنبيه، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والإعانة وحسن القصد وحسن النية،
وصلاح القول والعمل.
الخطيب قدوة في نفسه قبل أن يتكلم، فإذا رآه الحاضرون ورآه من ثقل له مشهده
وكلامه؛ ينتفعون بذلك، ويكتب الله له الأجر في ذلك، فليحتسب وليعد لهذا الأمر
عدته، ويعتمد على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى عقيدة السلف
الصالح، فهذا ما يجب على الخطيب والمدرس وكل من يرشد الناس ويوجههم، وهو مسؤول
أمام الله عما يقول وعما يفعل، فيكون قدوة صالحة في نفسه، في مظهره وفي قوله
وعمله، فتحصل البركة في كلامه، كالغيث الذي ينزل على الأرض،