ولا شك أنه كلما تأخر
الزمان وقرب قيام الساعة تكثر الفتن، قال صلى الله عليه وسلم: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ
اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ
يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»
([1])، وفي رواية قيل: ما
المخرج منها يا رسول الله؟ قال: «كِتَابُ
الله فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا
بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الفَضْلُ لَيْسَ بِالهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ
قَصَمَهُ اللهُ، وَمَنْ ابْتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ الله، وَهُوَ
حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ
الْمُسْتَقِيمُ» ([2]).
فالفتن وإن كثرت وإن تنوعت وإن تعددت وإن عظمت؛ فلدينا ما يعصمنا منها إن اعتصمنا به وتمسكنا به، وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ففيهما النجاة من الفتن في الدنيا، والنجاة من النار يوم القيامة، وهما بين أيدينا والحمد لله، وهو سلاح فتاك، نفتك به هذه الفتن إذا تمسكنا بهما، قال صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ الله وَسُنَّتِي» ([3])، وقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاََفًا كَثيِرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةُ» ([4])، «وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ في النَّارِ» ([5]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (118).