ومن مغاربها، ولكن مقرها
ومكانها أخص؛ بأن يكون أهله على أهبة الاستعداد، وأهبة العمل وأهبة الاحتساب
للأجر، فالجميع كلهم -والحمد لله- يتعاونون، ﴿وَتَعَاوَنُواْ
عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ﴾ [المائدة: 2]،
فالأمور بالتعاون، والمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه، فنحن نتعاون في كل الجامعات،
وفي كل الجوامع، وفي كل اللقاءات، وفي كل الأمكنة، نتعاون إن شاء الله على البر
والتقوى وفي مقدمة ذلك طلب العلم؛ لنهيئ جيلا متعلما بإذن الله.
فأساس العمل هو العلم، فعلم بدون عمل كشجر بلا ثمر، وعمل بدون علم ضلال،
وعلم بلا عمل كما هي صفة اليهود مغضوب عليهم، فاليهود مغضوب عليهم، وليس خاصا
باليهود وإنما لكل عالم لم يعمل بعلمه، فهو مغضوب عليه؛ لأن من يعلم ليس كمن لا
يعلم، ولهذا من أول من تسعر بهم النار يوم القيامة: عالم لم يعمل بعلمه ([1]).
فلابد من العلم، وبعد العلم لا بد من العمل، وبعد العمل لا بد من إخلاص النية لله جل وعلا، فهذه أمور يجب التنبه لها، ويجب التنبيه عليها، وهذه الجامعات -ولله الحمد- تنتج خيرًا لهذه البلاد ولغيرها؛ لأن هذه البلاد بالذات فيها قبلة المسلمين، فيها المسجدان: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الثالث المسجد الأقصى، هذه مساجد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فالمسجد الحرام هو مسجد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، والمسجد النبوي هو مسجد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى هو مسجد الأنبياء من ذرية إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، فكلها مساجد أسسها الله جل وعلا على أيدي أنبيائه،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1905).