اجتماعكم في هذا المسجد يدل على خير فيكم وفيمن يحضر لهذا المسجد لأداء هذه
الفرائض التي أوجبها الله علينا، وتلقي النصائح والتوجيهات، نسأل الله لنا ولكم
التوفيق، نوصيكم بتقوى الله أولاً ﴿وَٱتَّقُواْ
ٱللَّهَۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ﴾ [البقرة: 282]، ثم نوصيكم بحفظ الوقت على ما اتجهتم
إليه وهو طلب العلم؛ لأن الشواغل اليوم كثيرة كما تعلمون، والصوارف كثيرة وانفتحت
على الناس أبواب كما تعلمون شاغلة، إلا من وفقه الله سبحانه وتعالى فأقبل على طلب
العلم والتوجيهات المباركة، فلا تشغلكم هذه القنوات أو هذه المؤسسات التي تصد عن
الخير إلا ما شاء الله، فالإنسان ليس له قلبان، ﴿مَّا
جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٖ مِّن قَلۡبَيۡنِ فِي جَوۡفِهِۦۚ﴾ [الأحزاب: 4]،
فليحصر قلبه وتوجهه على ما انتسب إليه وجاء من أجله، وهو طلب العلم، وليمضي وقته
في طلب العلم والتلقي على أيدي العلماء الذين يستفيد منهم ومن توجيهاتهم، سواء في
الفصول أو في المسجد أو في أي مكان، فالعلم ينمو مع العمل، ومع متابعة مجالس أهل
العلم، وتلقي العلم اليوم يكون باتجاهين:
الأول: إما أن يكون على أيدي العلماء في المساجد.
الثاني: وإما أن يكون على أيدي المدرسين في الفصول.
وليس هناك فراغ في حياة طالب العلم، بل إنه وكما قيل: «مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ طَالِبُ عِلْمٍ وَطَالِبُ دُنْيَا»،
فهما لا يشبعان، ولكن شتان بين النوعين: طالب الدنيا وطالب العلم، فطلب العلم فيه
سعادة الدنيا والآخرة، وفيه الخير كله، أما طلب الدنيا فهو عرض زائل، فالدنيا
فانية، وإنما يستعان بها على عمل الآخرة، فمن طلب الدنيا ليستعين بها على عمل
الآخرة فهذا شيء طيب، وأما من طلب الدنيا للطمع فيها،