ولَه: عن عَمْرُو بن عَوْفٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَْنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ؟» فَقَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ» ^([1]). وَفِي روايَةٍ: «فَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ» ^([2]).

****

 فهَذَا الحَدِيثُ فِيهِ ذِكرُ شَيءٍ مِن الفِتنِ، وهِيَ فِتنَةُ الدّنيَا، فِتنَةُ بَسطِ الدّنيَا عَلَى النّاسِ.

وقَدْ أَرسَلَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم أبَا عُبَيدَةَ عَامِرَ بنِ الجَرَّاحِ رضي الله عنه إلَى البَحرَيْنِ بَعْدَما صَالَحَ أَهْلَها علَى الجِزيَةِ.

والجِزيَةُ: هِي مِقدَارٌ مِن المَالِ يَدفَعُه الكِتَابِيّ لِلمُسلِمِين علَى أنْ يَترُكُوهُ، وَيَكُفُّوا عَنْه القِتَالَ.

فبَعَثَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الصَّحَابِيُّ الجَليلُ الأَمِينُ - أمِينُ الأمَّةِ - أبَا عُبَيدَةَ بنَ الجَرَّاحِ رضي الله عنه؛ لِيَأتِي بِهَذَا المَالِ الّذِي يَدفَعُونَه إِلَى المُسلِمِين بِمُوجِبِ الصُّلحِ، وَأمَّرَ عَليهَا العَلاَءَ بنَ الحَضْرَمِيِّ رضي الله عنه.

---

الشرح