وَلَهُما عن
أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله عنهما، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» ([1]).
****
قَولُه
صلى الله عليه وسلم: «وَتُلْهِيكُم»؛ قَالَ جل وعلا: ﴿أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ﴾
[التكاثر: 1]. لاَ تُلهِيكُم الدُنيا وَلاَ أَوْلاَدُكم، فَدلَّ عَلَى أنَّ
المَالَ يُلهِي، والأَوْلاَد يُلهُونَ عَن ذِكْرِ اللهِ.
«وَتُهْلِكَكُمْ»:
هَذِه النّتِيجَةُ، فِي النِّهَايةِ يَحصُلُ الهَلاكُ لِلأمَّةِ، إذَا وَصَلتْ
إلَى هَذَا الحَدِّ، فإِنَّها تُعَاقَبُ؛ فصَارَ المَالُ سَبَبًا، فالانْشِغَالُ
بِالمَالِ وَالتَّلَهِّي بِه والتّنَافسُ فِيهِ سَببٌ لِهَلاَكِ الأمَّةِ
وَحُلُولِ العُقُوبةِ فِيهَا، وهَذَا مَا حَصَلَ، هَذَا مَا تَخَوَّفَه الرَّسُولُ
صلى الله عليه وسلم.
فدَلَّ
عَلَى أنَّ المَالَ فِتنةٌ، يُخَافُ مِنهُ حَتَّى عَلَى أَصْلَحِ النَّاسِ،
الأَنْصَارُ هُم أصْلَحُ الأمَّةِ بَعْدَ المُهَاجِرِينَ، وَمَعَ هَذَا خَافَ
عَلَيْهِم الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مِن فِتنَةِ المَالِ.
****
وَهَذا
نَوعٌ مِن أَنوَاعِ الفِتنِ، وَهِي فِتنَةُ النِّسَاءِ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ»،
النِّسَاءُ إذَا لَم تُضبَطْ بِضَوَابطِ الشَّرعِ وَالآدَابِ الشَّرعِيّةِ،
فإنَّهَا تَكُونُ فِتنَةً؛ تَفتِنُ الرِّجَالَ بِجَمَالِهَا، بِزِينَتِهَا،
بِتَبَرُّجِها، بِسُفُورِها، بِكَلاَمِهَا، اخْتِلاَطِهَا بِالرِّجَالِ؛ فَلاَ
بُدَّ أن تُضْبَطَ النِّسَاءُ.
لاَ بُدَّ أوَّلاً: يَكُونُ عنْدَ النِّسَاءِ إيمَانٌ يُجِيزُهُنَّ مِن هَذِه الأمُورِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5096)، ومسلم رقم (2740).