×
شرح كتاب الفتن والحوداث

 الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يُخَاطِبُ هَذِه الأمَّةَ، فَيَقُولُ: «وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ؟»، اللهُ جل وعلا رَقِيبٌ عَلَيكُم، يُعطِيكُم الدّنيَا، وَيَنظُرُ مَاذَا تَعمَلُون فِيهَا، يَنظُرُ مَاَذا تَتَصرَّفُونَ، لَسْتُم مُهْمَلِين؛ بَل اللهُ جل وعلا هُو الّذِي يَنظُرُ إلَيكُم، ويَرقُبُكم فِي تَصَرُّفَاتِكم مَعَ الدّنيَا: هَلْ تَنْسَاقُونَ مَعَهَا، وَتُقدِّمُونَها عَلَى الآخِرَةِ، أوْ أنَّكُم تَأخُذُون مِنْهَا مَا يَكْفِيكُم، وتَنْصَرِفُونَ إلَى الآخِرَةِ؛ تُحسِنُونَ التَّصَرُّفَ فِي هَذِه الدّنيَا؟

لاَ يُطْلَبُ مِن الإنْسَانِ أنْ يَترُكَ الدّنيَا، لاَ، لَكنْ يَأخُذُ مِنهَا بِقَدْرِ حَاجَتِه، بِقَدْرِ مَا يَحتَاجُ لِنَفَقَتِه لِحَاجَتِه، بِقَدْرِ مَا يَحتَاجُ لِتَصَدُّقِه وَإِحْسَانِه.

المَالُ خَيرٌ، إذَا أَحْسَنَ الإِنْسَانُ فِيهِ، صَارَ خَيْرًا وَعَوْنًا عَلَى طَاعَةِ اللهِ عز وجل، وَلَكِنْ قَلَّ مَن يُحسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ»: هَلْ تُحسِنُونَ تَصَرُّفَكم فِي هَذِه الدّنيَا؛ تَأخُذُونَها مِن حَلاَلٍ، وَتُنفِقُونَها فِي حَلاَلٍ، أمْ العَكْسُ؛ تَأخُذُونَها مِن كَسْبٍ حرَامٍ - مِن رِبَا، مِن رِشْوَةٍ، مِن خَدِيعَةٍ، مِن سَرِقَةٍ، مِن غِشٍّ، قُمَارٍ، إلَى غَيرِ ذَلِك - أوْ تَأخُذُونَها بِتِجَارةٍ مُبَاحَةٍ عَن تَرَاضٍ مِنْكُم، وَعَنْ عُقُودٍ شَرْعِيّةٍ؟ هذَا مِن جِهةِ اكتِسَابِها.

مِن جِهَةِ التَّصَرُّفِ فِيهَا: إذَا حَصُلْتَ عَلَيهَا، مَاذَا تَعْمَلُ فِيهَا؟ أَتُفْسِدُ فِيهَا، تَتْبَعُ شَهَوَاتِكَ، تُسَافِرُ فِيهَا إلَى البِلاَدِ الإبَاحِيّةِ أَنْتَ وَأَهْلُك وأَوْلاَدُكَ، فتَغْرَقُونَ فِي مُستَنقَعَاتِ الغَربِ، تَتَكَبَّرُ فِيهَا عَلَى النَّاسِ، تَمنَعُ الزَّكاةَ، تَمنَعُ النَّفقَةَ الوَاجِبةَ عليْكَ؟


الشرح