ولَهُ عَن
حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أنَّه قَالَ: وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ
فِتْنَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ، فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَمَا بِي إِلاَّ
أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسَرَّ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ
شَيْئًا، لَمْ يُحَدِّثْهُ غَيْرِي، وَلَكِنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
قَالَ: وَهُوَ يُحَدِّثُ مَجْلِسًا أَنَا فِيهِ عَنِ الْفِتَنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم: وَهُوَ يَعُدُّ الْفِتَنَ: «مِنْهُنَّ ثَلاَثٌ لاَ يَكَدْنَ
يَذَرْنَ شَيْئًا، وَمِنْهُنَّ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ مِنْهَا صِغَارٌ
وَمِنْهَا كِبَارٌ» قَالَ حُذَيْفَةُ: فَذَهَبَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ كُلُّهُمْ
غَيْرِي ([1]).
****
هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رضي الله عنه
صَاحِبُ سِرِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، يقُولُ عَن
الفِتنِ؛ لأنَّه كَانَ أَحرَصَ النَّاسِ عَلَى السّؤَالِ عَن الفِتَنِ؛ خَوْفًا
مِنْها، خَوْفًا مِن الفِتَنِ.
يقُولُ
رضي الله عنه: «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُون
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن الخَيرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُه عَن الشَّرِّ
مَخَافةَ أنْ يُدْرِكَنِي» ([2])،
الإنْسَانُ لاَ بُدَّ أنْ يَعرِفَ الخَيْرَ، وَلاَ بُدَّ أنْ يَعرِفَ الشَّرَّ،
لاَ بُدَّ أنْ يَعرِفَ الخَيرَ مِن أَجلِ أنْ يَأتِيَهُ، ويَعرِفَ الشّرَّ مِن
أَجلِ أنْ يَجتَنِبَه.
عَرَفْتُ الشَّرَّ لاَ لِلشَّرِّ لَكِن لِتَوَقِّيهِ
**** وَمَنْ لاَ يَعْرِفُ الشّرَّ مِن النَّاسِ يَقَعُ فِيهِ
الّذِي لاَ يَدرِي عَنْ الشرِّ يَقعُ فِيهِ، يَعتقِدُ أنَّه خَيرٌ، يَظُنّ أنَّه خَيرٌ؛ فلاَ بُدَّ لِلإنْسَانِ أنْ يَتَفقَّهَ فِي دِينِ اللهِ، ويَعرِفُ مَا هُو خَيرٌ وَمَا هُو شَرٌّ، ولاَ يَقُل: أنَا لَيْسَ لِي شَأنٌ بِالشَّرِّ، أنَا أتَعَلَّمُ الخَيْرَ فَقَطْ. مِثلَمَا يَقُولُه بَعضُ الجهَّالِ. لاَ بُدَّ تَعرِفُ الشِّرْكَ مَا هُو؛ مِن أَجلِ أنْ تَتَجَنَّبَه، لاَ بُدَّ أنْ تَعرِفَ المُحرَّمَاتِ؛ مِن أَجلِ أنْ تَتَجَنَّبَها، بَعْدَ مَعرِفَةِ الخَيرِ؛ مِن
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2891).