×
شرح كتاب الفتن والحوداث

 أَجلِ أنْ تَفَعَلَه، فَلاَ بُدَّ مِن تَعلُّمِ الخَيرِ، وتَعلُّم ضِدّ الخَيرِ. تَعلَّمِ الخَيْرَ؛ لِتَفْعَلَهُ، وتَعَلَّم الشّرَّ؛ لَتَتَجَنَّبَه، وإلاَّ مَن لاَ يَعْرِف الشّرَّ، يَقعُ فِيهِ، وَهُو لاَ يَدرِي، وكَانَ حُذَيفَةُ رضي الله عنه يسَأَلُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم.

وفِي هذَا الحَدِيثِ: أنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّا أَسرَّهُ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيهِ، وإنَّمَا هُو شَيءٌ قَالَه فِي مَجلِسٍ، أَخبَرَ عَن الفِتنِ، وأَخْبَرَ عَن تَفَاوُتِها، وأنَّ بَعْضَها أشدُّ مِن بَعضٍ؛ بَعضُها يَمُرُّ سَرِيعًا، وَبَعضُها يَتأخَّرُ فِي النَّاسِ، وَيُؤثِّرُ فِيهِم، وَيضُرُّ بِالنَّاسِ؛ الفِتنُ تَتفَاوَتُ، بَعضُهَا أشَدُّ مِن بَعضٍ، وهَذَا الحَدِيثُ مِن بَابِ التَّحذِيرِ مِنْهَا.

ثمَّ قَالَ: إنَّ هَذَا المَجلِسَ كلَّهم مَاتُوا، وَلَم يَبْقَ إلاَّ أنَا، وَلِذَلِكَ هُو الّذِي حَدَّثَ عَن هَذَا المَجلِسِ؛ لأنَّه لَم يَبْقَ مِمّنْ حَضَرَه غَيرُه، وَهُو كَانَ رضي الله عنه لاَ يَكتُمُ العِلمَ، بَلْ يُبَيّنُ لِلنَّاسِ.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَكَدْنَ يَذَرْنَ شَيْئًا»: يَعنِي ثَلاثٌ مِن الفِتَنِ لاَ يَذَرْنَ شَيْئًا؛ يَعنِي لاَ يَتْرُكْنَ شَيْئًا مِن الشّرِّ وَمِن الفِتنَةِ.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «وَمِنْهُنَّ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ»، وَمِنهُنَّ فِتنٌ سَرِيعَةٌ، لاَ تُؤثِّرُ كَثِيرًا.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «مِنْهَا صِغَارٌ وَمِنْهَا كِبَارٌ»؛ مِنهَا فِتنٌ صِغَارٌ خَفِيفَةٌ، وَمِنْهَا فِتنٌ كِبَارٌ ثَقِيلةٌ، لَكِنَّهَا سَرِيعةٌ، تَمُرُّ، تَنْتَهِي، لكنْ هُناكَ فِتنًا لاَ تَنْتَهِي.

قَولُه رضي الله عنه: «فَذَهَبَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ كُلُّهُمْ غَيْرِي»؛ الّذِينَ حَضَرُوا فِي المَجلِسِ.

وَهَذَا فِيهِ: فَضلُ نَشرِ العِلمِ وَعَدمُ كِتْمَانِ العِلمِ.

****


الشرح