×
شرح كتاب الفتن والحوداث

وَلَه عَنهُ قَالَ: «أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، فَمَا مِنْهُ شَيْءٌ إِلاَّ قَدْ سَأَلْتُهُ، إِلاَّ أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ: مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ؟» ([1]).

****

حُذَيفَةُ رضي الله عنه لَه خَاصِّيَّةٌ مَعَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم:

أوَّلاً: لأِنَّه كَانَ أَمِينَ سِرِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

وثَانيًا: لأِنَّ حُذَيفةَ رضي الله عنه كَانَ حَرِيصًا علَى السُّؤالِ؛ يَسْأَلُ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم عَن الفِتَنِ، فكَانَ مِن أكثَرِ النَّاسِ مَعرِفةً بِالفِتَنِ، إلاَّ وَاحِدَة لَم يَسألْ الرَّسُولَ عَنْهَا، وَهِيَ: مَا سَبََبُ خُرُوجِهم مِن المَدِينَةِ؟ لأنَّه أَخبَرَ صلى الله عليه وسلم أنَّهُم سَيَخْرُجُونَ مِن المَدِينَةِ، وَيَسْكُنُونَ غَيْرَها، مَعَ أنَّ المَدِينَةَ مِن أَفْضَلِ البِقَاعِ بَعْدَ مَكَّةَ؛ فهِيَ دَارُ الهِجْرَةِ، وَهِيَ - أَيْضًا - فِيهَا المَسجِدُ النَّبَوِيّ، الصَّلاَةُ فِيهِ بِأَلفِ صَلاةٍ، دَعَا لهَا النّبيُّ صلى الله عليه وسلم، حَرَّمَها؛ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مكَّةَ، المَدِينةُ لهَا فَضَائِلُ، فَيَنبَغِي سُكنَاهَا؛ لِمَا فيهَا مِن الخَيرِ، لكِنْ يَخرُجُ النَّاسُ منْهَا؟! وقَدْ خَرَجُوا مِنْهَا، وَاستَوْطَنُوا بِالأَمْصَارِ: فِي الشَّامِ، فِي مِصْرَ، فِي العِرَاقِ، فِي المَشرِقِ، خَرَجُوا: وَاحِدٌ خَرَجَ لِلمَالِ وَالتِّجَارَةِ، وَوَاحدٌ خَرَجَ لِلجِهَادِ، وَوَاحدٌ خَرَجَ لِلعِلْمِ، خَرَجُوا مِنْهَا، وَالنّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» ([2])، فَهُو لَم يَسْأَلْ عَن السَّبَبِ فِي خُرُوجِهِم.

****


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2891).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1363).