×
شرح كتاب الفتن والحوداث

وَلَهُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ رضي الله عنه أنَّهُ قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا» ([1]).

****

 فإنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَد بَيَّن لأُِمّتِه مَا أَرْسَلَه اللهُ بِه؛ كمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ [المائدة: 67]، وقَد قَامَ صلى الله عليه وسلم بِالبَلاَغِ وَالبيَانِ التَّامِ فِي خُطَبِه، وَفِي أحَادِيثِه، وَفِي فتَاوَاهُ وَقَضَائِه، وَجَمِيعِ مَا قَامَ بِه صلى الله عليه وسلم مِن أنْوَاعِ البيَانِ؛ فَلَم يَتْرُكْ شَيْئًا، مَا تُوُفِّيَ إلاَّ وَقَدْ أكمَلَ اللهُ بِهِ الدِّينَ، وأتَمَّ بِه النِّعْمةَ، ولَم يَكتُمْ شَيْئًا، أوْ يُقَصِّرُ فِي بَلاغِ شَيءٍ أَنزَلَه اللهُ عَلَيهِ مِن ذَلِكَ.

كَانَ مِن سُنَّتِه صلى الله عليه وسلم تَقصِيرُ الخُطبَةِ؛ تَخْفِيفًا عَلَى النَّاسِ، كَانَ هذَا مِن سُنَّتِه صلى الله عليه وسلم، وَقَد حَثَّ علَى قِصَرِ الخُطبَةِ، وَإِطَالَةِ الصَّلاَةِ فِي الجُمعَةِ ([2]).

وأمَّا هَذِه المَرَّةِ، فَإنَّه صلى الله عليه وسلم قَد أَطَالَ الخُطبَةَ؛ خَطَبَ يَوْمًا كَامِلاً، لاَ يَقطَعُ الخُطبَةَ إِلاَّ لِصَلاةٍ مِن الصَّلَوَاتِ الخَمسِ، ثمَّ يَعُودُ، وَيُبَيِّنُ، وَلاَ يُكَرِّرُ شَيْئًا، فمَا تَرَكَ شَيْئًا مِمَّا كَانَ فِي الزَّمَانِ المَاضِي وقِصَصِ الزَّمَانِ المَاضِي، وَلاَ شَيْئًا يَحدُثُ فِي المُستَقبَلِ، إلاَّ بَيّنَه صلى الله عليه وسلم فِي خطْبَتِه هَذِه، عَلِمَ هَذَا مَن عَلِمَه، وَجَهِلَهُ مَن جَهِلَهُ، ذَكَرَ لِلنَّاسِ كُلَّ شَيءٍ هُم بِحَاجةٍ إِلَيهِ.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2892).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (869).