×
شرح كتاب الفتن والحوداث

وله عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بْن العَاصِ رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآْخَرِ» ([1]).

****

هذِه الخُطبَةُ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أنَّه صلى الله عليه وسلم لمْ يَترُكْ شَيئًا لَم يُبَيِّنْه، وَمِن ذَلِكَ بَيَانُ مَا يَحدُثُ مِن الفِتَنِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، قَد بَيَّنَه صلى الله عليه وسلم فِي هَذِه الخُطبَةِ.

قَولُه رضي الله عنه: «فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا»؛ فَأعْلمُنَا أَحْفَظُنَا لِهَذِه الخُطبَةِ، الّذِينَ حَفِظُوهَا صَارَ عِندَهُم عِلمٌ أَكثَرُ مِن غَيرِهِم.

****

هَذَا الحَدِيثُ فِيهِ فَوَائدٌ عَظِيمةٌ وجَوَامِعُ مِن كَلِمِه صلى الله عليه وسلم:

أولاً: بيَّنَ صلى الله عليه وسلم أنَّه مَا مِن نَبِيٍّ مِن الأَنبِيَاءِ - عَليْهِم الصَّلاةُ والسَّلامُ -، إلاَّ دَلَّ أمَّتَه عَلَى خَيرِ مَا يَعلَمُه لَهُم، وَحذَّرَها مِن شَرِّ مَا يَعلَمُه لَهُم، هَذَا مِن النُّصحِ لِلأمَمِ مِن الأنْبِيَاءِ - عَليهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -، وأنَّ الأنبِيَاءَ لَم يَكتُمُوا شَيئًا ممَّا أَرسَلَهُم اللهُ بِه، وَلَم يُقصِّرُوا فِي شَيءٍ من البلاغِ، هذه سُنَّةُ الأنبياءِ - عليهم الصلاة والسلام -.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1844).