×
شرح كتاب الفتن والحوداث

 يَنجُو مِنْهَا، هَذَا فِيهِ التَّحذِيرُ مِن الفِتَنِ، وأنَّ الإِنْسَانَ يَخَافُ مِنْهَا، وَيَبتَعِدُ عَنْهَا.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا»؛ يَعنِي: يُهَوِّنُ بَعضُهَا بَعْضًا، كلُّ فِتنَةٍ أَشَدُّ مِن الّتِي قَبْلَها، تُنسِي الفِتنَةَ الّتِي قَبْلَها، تَتَعَاظَمُ الفِتنُ، وَيَتَعَاظَمُ الخَطرُ، ويَتَعَاظمُ الخَوفُ عِنْدَ المُؤمِنِين.

وهذَا تَعلِيمٌ لنَا فِي أنْ نَستَعِدَّ وَنَحذَرَ مِن هَذِه الفِتَنِ، وَلاَ يُمكِنُ ذَلِك إلاَّ بِالاعْتِصَامِ بِثَلاثَةِ أمُورٍ:

* الاعْتِصَامُ بِكِتَابِ اللهِ عز وجل.

* الاعْتِصَامُ بِسُنّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1]).

* الاعْتِصَامُ بِجَمَاعَةِ المُسلِمِين وَإِمَامِ المُسلِمِين؛ يَكُونُ مَعَ الجمَاعَةِ، مَعَ إِمَامِ المُسلِمِين، وَلاَ يَشُذُّ عَنهُم؛ فَيَهلَكُ مَعَ الهَالِكِينَ.

فهَذِه هِي ضَوَابِطُ النَّجَاةِ - بِإذْنِ اللهِ - مِن الفِتَنِ.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ أَحَبَّ»، وكلٌّ يُحِبُّ هَذَا، لَكنْ لَيْسَ كلٌّ يَعرِفُ مَا هُو السَّبِيلُ الصَّحِيحُ، كَثِيرٌ يُزَيَّنُ لَهُم سُبلُ السُّوءِ وَسُبُلُ الضَّلاَلِ.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ أَحَبَّ أنْ يُزَحْزَحَ عَن النَّارِ»؛ يَعنِي: يَبْعُدُ عَنهَا، وَيَنجُو مِنهَا، وَيَدخُلُ الجَنَّةَ، كلٌّ يُرِيدُ هَذَا، لكنَّ الشَّأنَ فِي الطَّريقِ الّذِي يَسلُكُهُ الإنسَانُ لَيسَ هَذَا مَوكُولاً إلَى اجْتِهَادِهِ وَإِلَى رَأيِهِ.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).