×
شرح كتاب الفتن والحوداث

مِن ضَلاَلٍ وَانْحِرَافٍ. ثمَّ لاَ طَائِلَ تَحْتَ الجِدالِ أبدًا، لَيْس هُنَاكَ طَائِلٌ، بَل هُنَاكَ شَرٌّ، فَالجِدَالُ لاَ يُجدِي شَيْئًا.

والأمر الثاني: «وَلْيِأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ»؛ يَعنِي: يَتعَاملُ مَع النَّاسِ بِمَا يُحِبُّ أنْ يَتَعَامَلُوا بِه مَعَه؛ «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» ([1]).

أنْتَ تُحِبّ أنَّك تُكرَمُ، أنَّكَ لاَ تُؤذَى، ولاَ يُعتَدَى عَليْكَ، وَلاَ تُسَبُّ، أنْتَ تُحِبُّ هَذَا، فَأَحِبَّه لِلنَّاسِ؛ لاَ يَصدُرُ مِنكَ شَيءٌُ مِمّا لاَ تَرضَى أنْ يَصدُرَ إلَيكَ - هذَا مِقيَاسٌ وَاضِحٌ -، عَامِلِ النَّاسَ بِمَا تُحِبّ أنْ تُعَامَلَ بِه، إنْ كُنْتَ تُرِيدُ النَّجَاةَ، أمَّا الإنسَانُ الّذِي يُرِيدُ الخَيْرَ لِنَفسِهِ، وَلَكنْ لاَ يَرْضَاهُ لِلآخَرِينَ، فَهَذا غِشٌّ - والعِيَاذُ بِاللهِ -، وَلاَ يُوفَّقُ صَاحِبُه.

فَالكَلِمَتَان هَاتَانِ مِن الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمَا وَصفُ النَّجاةِ مِن الفِتنِ؛ أنْ تُؤمِنَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، تَعرِفُ الإيمَانَ، وَتَدرُسُ الإيمَانَ دِرَاسةً صَحِيحةً، وتَتَمَسَّكُ بِه مَأخُوذًا مِن كِتَابِ اللهِ وَسُنةِ رَسُولِهِ، لاَ مِن كَلاَمِ فُلاَنٍ وَعِلاَّن، تَترُكُ الجِدَالَ والنِّقَاشَ وَالأمُورَ الّتِي لَستَ بِحَاجةٍ إلَيهَا، وَلَيْسَ النَّاسُ بِحَاجةٍ إِلَيهَا.

فلاَ مِرَاءَ وَمَا فِي الدِّينِ مِن جَدَلٍ **** وَهَلْ يُجَادِلُ إِلاَّ كلَّ مَن كَفَرَا

الجِدَالُ فِي الدِّينِ وَالجِدَالُ فِي المسَائلِ الدِّينِيّةِ لاَ يَجُوزُ؛ الأمُورُ وَاضِحةٌ، لَيْسَ فِيهَا لَبسٌ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (13)، ومسلم رقم (45).