مَا دَامَ لَهُم جَمَاعةٌ وإمَامٌ، ابْقَ
معَهُم؛ تَنْجُ مَعَهُم؛ الاجْتِمَاعُ رَحمةٌ، وَلاَ جَمَاعةٌ إلاَّ بِإمَامٍ، لاَ
يُمكِنُ جمَاعَةٌ إلاَّ بِإمَامٍ، جمَاعَة بِدُونِ إِمَامٍ لاَ يُمكِنُ هَذَا،
وَوُجُودُ الإِمَامِ ضَرُورةٌ لِلأمَّةِ؛ إمَامٌ مِنهُم؛ مِن المُسلِمِين.
ولاَ
يُشتَرَطُ فِي الإِمَامِ أنْ يَكُونَ كَامِلاً مِثلَ أبِي بَكرٍ الصِّدِّيقِ
وعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنهما، لاَ يُشتَرَطُ، هذَا حَسْبُ الإِمكَانِ،
ولَو كَانَ عِندَه نَقصٌ، وَلَو كَانَ عِندَه ظلمٌ، لاَ يُشتَرَطُ أنْ يَكُونَ
مِثلَ الخلفَاءِ الرَّاشِدِينَ، مَا لَم يَصِلْ إلَى حَدِّ الكفْرِ، مَا دَامَ
أنَّه مُسلمٌ ومُؤمنٌ، وإنْ كَانَ عِندَهُ نَقَائِصَ فِي العَملِ، أوْ
بِالتَّعدِّي، أوْ بِالظُّلمِ، فالمَصلحَةُ فِي لزُومِ طَاعَتِه أكثَرُ مِن
المَصلَحَةِ الّتِي تَحصلُ فِي الشِّقَاقِ والانْشِقَاقِ عَلَيهِ.
فَلُزُومُ
طَاعتِه وَالانْضِمَامِ مَعَ الجمَاعَةِ فِيهِ الأَمنُ، فِيهِ الاستِقرَارُ، فِيهِ
القُوَّةُ، فِيهِ السَّلامَةُ، وأمَّا الخُرُوجُ عَلَيهِ، فيُسبِّبُ الفَوضَى،
والضَّيَاعَ، وسَفكَ الدّماءِ؛ كمَا تَعلَمُون الآنَ مِن الحَوَادثِ، فتَلزَمُ
جَمَاعةَ المُؤمِنِين وَإِمَامَهُم، هذَا هُو طرِيقُ النَّجاةِ. ولهَذَا لمَّا سَأَلَ
حُذَيفَةُ بنُ اليَمَانِ رضي الله عنه رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن
الفِتنِ وأخْبَرَه عَنْهَا قَالَ: مَا المَخرَجُ مِنهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:
«أنْ تَلزَمَ جمَاعَةَ المُسلِمِينَ
وَإِمَامَهُم»، هَذَا هُو سَبِيلُ النَّجاةِ: جَمَاعةُ المسْلِمِين وَإِمَامُ
المُسلِمِين.
قالَ:
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا»؛ اعتَزِلْ، ابْقَ وَحْدكَ،
لاَ تَدخُلْ مَعَهُم فِي صِرَاعٍ وَفِي نِقَاشٍ، وتَقُول: أنَا أُرِيدُ أنْ
أَنصُرَ الحقَّ. لاَ، اعتَزِلْ الفِتنَ، طَالَمَا لَيْسَ هُنَاكَ جمَاعةٌ ولاَ
إِمَامٌ، لاَ تَدخُلْ مَعَ الفَوضَى وَمَع النَّاسِ.