×
شرح كتاب الفتن والحوداث

 مِن النَّاسِ مِن بَعضِ الشَّبَابِ، ثمَّ طُرِدَ مِن المَدِينَةِ، وَذَهَبَ إلَى مِصْرَ، فَوَجَدَ فِي مِصرَ طَائِفةٌ مَشهُورَةٌ بِالشَّغبِ، فَجَاءَ، وَحَضَرَهُم، فَاسْتَجَابُوا لَه، وَكوَّنَ عِصَابةً خَبِيثةً، اقْتنَعَتْ بِفِكرَتِه بِالطَّعنِ عَلَى عُثمَانَ رضي الله عنه.

ولمَّا كَانَ فِي مَوسِمِ الحَجِّ، خَرَجَ المُسلِمُون، يَحَجُ أغْلَبُهم، فانْتَهَزُوا الفُرصَةَ، وَجَاؤُوا بِصِفةِ أنَّهُم وفْدٌ جَاؤُوا إلَى الخَلِيفَةِ؛ لِيُرَاجِعُوه فِي بَعضِ الأُمُورِ، فَطوَّقُوا بَيتَهُ رضي الله عنهم، ومنَعُوه مِن الخُرُوجِ إلَى الصَّلاةِ بِالمُسلِمِين؛ عَلَى أنَّهُم سَيَتَفاوَضُون مَعَهُ، لَم يَأتُوا عَلَى أنَّهُم ثَائِرُون، ولَكنْ جَاؤُوا لِيَتَفَاوَضُوا مَعَهُ، هَذَا الّذِي يُظهِرُونَه، وَهُم يُبطِنُونَ الغَدْرَ.

فلمَّا كَانَ مِن اللَّيلِ، وَرَقَدَ النَّاسُ، تَسوَّرُوا عَليهِ البَيْتَ، فَقَتَلُوه فِي آخِرِ اللَّيلِ رضي الله عنه، وَهُو يَتْلُو القُرْآنَ؛ لأنَّ مِن عَادَتِه أنَّه يَقُومُ اللَّيْلَ، فَقَتلُوه وهُو يَتلُو كِتَابَ اللهِ عز وجل، وبِذَلِك انْفَتَحَ بَابُ الفِتنَةِ عَلَى المُسلِمِين، انفَتَح بَابُ القَتْلِ، انْفَتَحَ بَابُ الخِلاَفِ، وهَذَا الَّذِي يُرِيدُه اليَهُودُ مِن الإِسْلاَمِ، يَزْعُمُونَ أنَّهُم سَيَقْضُونَ عَلَى الإِسْلاَمِ بِذَلِك.

وقَدْ ذَكَرَ اللهُ عَنْهُم مِن قَبلُ أنَّهم يُحَاوِلُونَ الكَيْدَ لِلإِسْلاَمِ: ﴿وَقَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ [آل عمران: 72]؛ أسْلِمُوا، ثمَّ ارْتَدُّوا فِي يَومٍ وَاحدٍ؛ لأنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْكُم دَخَلتُم فِي الإِسْلاَمِ، ثمَّ خَرَجْتُم مِنْهُ، اقْتَنَعُوا أنَّ الإِسْلاَمَ لاَ يَصلُحُ؛ لأِنَّكُم أَهلُ كِتَابٍ تُعرَفُونَ، وَلمَّا جَرَّبتُم الإِسْلاَمَ، وَجَدْتُمُوه لاَ يَصلُحُ، وَخَرَجْتُم عَليهِ، فَالنَّاسُ يَقتَدُونَ بِكُم؛ ﴿لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ عَن دِينِهِم.


الشرح