جَاءَ عُبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ إلَى هَؤُلاَءِ
العِصَابَةِ المُجرِمَةِ الخَوَارجِ، وَدَخَلَ عَلَى عُثمَانَ رضي الله عنه وَهُو
مُحَاصَرٌ، «جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ
سَلاَمٍ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جِئْتُ فِي نُصْرَتِكَ»،
فَهَذَا مِن فَضَائِلِه رضي الله عنه.
«قَالَ: اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ،
فَاطْرُدْهُم عَنِّي»، اخْرُجْ إلَى هَذِه العِصَابةِ،
فَاَقْنِعْهَا بِأنْ تَتَرَاجَعَ عَن جَرِيمَتِها. فخَرَجَ إلَيْهِم، وَكَلَّمَهم،
فَزَادَ شَرُّهُم، وَقَالُوا: اقْتُلُوا اليَهُودِيَّ - نَسْألُ اللهَ العَافِيةَ
-، سمُّوهُ يَهُوديًّا، هَذَا دَلِيلٌ علَى جُرْمِهِم وَعَلَى خُرُوجِهم عَلَى
دِينِ اللهِ، وأَنَّهُم يُكَفِّرُونَ أفْضَلَ الصَّحابَةِ رضي الله عنهم، فَعَبْدُ
اللهِ بنُ سلاَمٍ رضي الله عنه مِن أَفضَلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَمَعَ
هَذَا كَفَّرُوه، وَقَالُوا: يَهُودِيٌّ. وقَتَلُوا عُثمَانَ الخَلِيفَةَ الرَّاشِدَ
رضي الله عنه.
هَذَا
كلُّه بِسَببِ الخرُوجِ عَلَى وَلِيِّ أَمرِ المُسلِمِين، وأنََّ الخَوارِجَ إذَا
دَخَلَتْ فِي رُؤُوسِهِم الفِكرَةَ الخَبِيثَةَ، تَأَصَّلَتْ.
هَذَا
فِيهِ التَّحذِيرُ مِن جُلَسَاءِ السُّوءِ، وَمِن الاسْتِمَاعِ لِمَقَالاَتِ
السُّوءِ، فِيهِ التَّحذِيرُ مِن دُعَاةِ الفِتنَةِ، فَهُم لَم يَنفَعْ فِيهِم
الحُجَجُ وَالبَيِّنَاتِ، وَأَصَرُّوا عَلَى جَرِيمَتِهم، «فَقَالُوا: اقتُلُوا اليَهُودِيَّ، وَاقتُلُوا عُثْمَانَ»، فَهَذا
مَا حَصَلَ مِنْهُم.
قَولُه رضي الله عنه: «إنَّ للهِ سَيْفًا مَغْمُودًا عَنْكُمْ»، يَقُولُ عَبدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ رضي الله عنه: سَيفُ الفِتنَةِ مَغمُودٌ الآنَ بِالإِسْلاَمِ، فَلاَ تَسُلُّوه عَلَى المُسلِمِين، إنْ سَلَلْتُم سَيفَ الفِتنَةِ، فَإنَّه لَن يُرفَعَ، وَهَذَا كَلاَمُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا وَقَعَ عَلَيهِم السَّيفُ، لَم يُرْفَعْ إلَى يَومِ القِيَامَةِ» ([1])، إذَا بَدَأَ القَتلُ بَيْنَ المُسلِمِين،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4252)، وابن ماجه رقم (3952)، وأحمد رقم (22395).