×
شرح كتاب الفتن والحوداث

 اسْتَمَرَّ، كُلَّمَا انْطَفَأَ فِي نَاحيَةٍ، اشْتَغَلَ فِي نَاحيةٍ ثَانِيةٍ، فَبَابُ الفِتنَةِ إذَا انْفَتَحَ، صَعُبَ سَدُّه، فَهُو حَذَّرَهم مِن إِشْعَالِ الفِتنَةِ.

لكِنْ لمَّا تَأصَّلَ الشّرُّ فِي رُؤُوسِهِم وَالفِكرُ الخَبِيثُ، انْظُرُوا! الفِكْرَ الخَبِيثَ وَدُعَاةَ الضَّلالِ كَيفَ يُؤَثِّرُون عَلَى بَعضِ النَّاسِ، لاَ يَقبَلُونَ النَّصِيحةَ، ولاَ يَقبَلُونَ مِن العُلمَاءِ، وَلاَ يَعتَقِدُون أنَّ النَّاسَ عَلَى صَوابٍ، إنَّمَا هُم الَّذِينَ عَلَى الصَّوَابِ فَقَطْ، وَمَن خَالَفَهُم فَهُو كَافِرٌ. هَذِه صِفَةُ الخَوَارِجِ - وَالعِيَاذُ بِاللهِ -؛ أَنَّهُم يُكفِّرُون المُسلِمِين، ويَعتَقِدُونَ أنَّهم هُم المُسلِمُون وَحْدَهُم بِسَبَبِ الفِكرِ الخَبِيثِ وَالدِّعَايَاتِ الضَّالَّةِ وَدُعَاةِ السُّوءِ؛ جُلَسَاءِ السُّوءِ.

فَهَذا فِيهِ أكبَرُ عِبْرَةٍ ومَوعِظَةٍ لِشَبَابِنَا اليَوْمَ هَدَاهُم اللهُ، ووَفَّقَهُم أنْ يَتَعلَّمُوا العِلمَ النَّافِعَ، وَيَتَعَلَّمُوا العَقِيدَةَ الصَّحِيحَةَ، وَيَسِيرُوا عَلَيْهَا، وَيَتَمَسَّكُوا بِهَا، وألاَّ يُصْغُوا إِلَى الأَفْكَارِ المُنحَرِفَةِ والدِّعَايَاتِ الضَّالَّةِ - ومَا أَكْثَرَهَا اليَوْمَ! -، تُرَوَّجُ اليَوْمَ بِوَاسِطةِ وسَائِلِ الإِعْلاَمِ، بِوَاسِطةِ دُعَاةِ الضَّلاَلِ، بِوَاسِطةِ المَجَالسِ المُنقَطِعةِ عَن المُسلِمِين، بِوَاسِطةِ الانْعِزَالِ عَن المُسلِمِين، والابْتِعَادِ عَن المَسَاجدِ، وعَن صَلاةِ الجمَاعَةِ؛ لأَنَّهُم يُكَفِّرُون المُسلِمِين، وَلاَ يُصَلُّون مَعَهُم لاَ جُمعَةَ وَلاَ جَمَاعةَ، يَنعَزِلُونَ - وَالعِيَاذُ بِاللهِ -، هَذِه سِمَةُ الخَوَارِجِ.

قَولُه رضي الله عنه: «وَإِنَّ المَلاَئِكَةَ قَدْ جَاوَرَتْكُم فِي بَلَدِكُمْ»؛ المَدِينَةُ، دَارُ الهِجرَةِ، جَاوَرَتْهُم المَلاَئِكةُ، فَإِذَا حَصَلَتْ الفِتنَةُ، تَرحَلُ المَلائِكَةُ مِن عِنْدِهِم، وَتَأتِي الشَّيَاطِينُ.


الشرح