×
شرح كتاب الفتن والحوداث

الوُلاَةِ، لكِنْ مَعَ هَذَا تَلزَمُ جَمَاعَةَ المُسلِمِين وَإِمَامَهُم؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِن النَّجَاةِ وَالسَّلاَمَةِ مِن الفِتَنِ.

فَهَذَا يَدلُّ عَلَى أنَّه لاَ بُدَّ مِن لزُومِ الجَمَاعَةِ وَلُزُومِ الإِمَامِ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ؛ فِي حَالةِ الخَيرِ، وَفِي حَالَةِ وُجُودِ الشَّرِّ، لاَ بُدَّ مِن لُزُومِ الجَمَاعَةِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِن الخَيرِ والصَّلاَحِ وَدَفْعِ العَدُوِّ، تَلزَمُ جمَاعَةَ المُسلِمِين وَإِمَامَهُم.

لاَ زَالَ حُذَيفَةُ عنْدَه أَسئِلَةٌ -أَيْضًا-، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُم جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟»؛ يَأتِي حَالةٌ، يَنْحَلُّ الأَمرُ، وَلاَ يَكُونُ هُنَاكَ جَمَاعَةٌ لِلمُسلِمِين، وَلاَ يَكُونُ هُنَاكَ إِمَامٌ لَهُم؛ لأَِنَّه مَعلُومٌ أَنَّه إِذَا لَم يُوجَدْ إِمَامٌ، لَن تُوجَدَ جَمَاعةٌ أَبَدًا، لاَ تُوجَدُ جَمَاعَةٌ بِدُونِ إِمَامٍ، لاَ جَمَاعَةَ إِلاَّ بِإِمَامٍ، وَلاَ إِمَامٌ إِلاَّ بِسَمعٍ وَطَاعةٍ، لَكنْ قَدْ يَنْحَلُّ - وَالعِيَاذُ بِاللهِ - الأَمرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَلاَ يَكُونُ هُنَاكَ إِمَامٌ وَلاَ جمَاعَةٌ، فَمَاذَا يَعمَلُ المُسلِمُ؟ هَل يَسْتَسْلِمُ مَعَ النَّاسِ؟!

«قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا»: لاَ تَدخُلُ مَعَهُم، اعْتَزِلْ الفِتنَ وَأَهلَ الفِتَنِ، ابْقَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْزَمْ الحَقَّ وَلَو بِنَفْسِكَ، وَلَو أنْتَ وَحدَكَ، الْزَمْ طَرِيقَ الحَقِّ.

ولاَ بُدَّ إذَا بَلَغَ هَذِه الحَالةَ، وبَقِيَ وَاحدٌ عَلَى الحقِّ، والبَقِيةُ كُلُّهُم عَلَى خِلاَفِه، يَجِبُ أنْ يَنَالَه شَيءٌ مِن المَشَاقِّ والمَكَارِهِ؛ لأِنَّ مُخَالَفةُ النَّاسِ وَالانْفِرَادَ عَنْهُم صَعْبٌ، لَكِنَّ هَذَا لاَ بُدَّ مِنْه، إذَا كَانَ النَّاسُ عَلَى بَاطِلٍ، فَلاَ تَكُنْ مَعَهُم، وَلَو بَقِيتَ وَحدَكَ، إذَا بَقِيتَ وَحْدَكَ، يَنالُكَ ضَرَرٌ، فاصْبِرْ عَلَى هَذَا.


الشرح