ليْسَ مِن اللاَّزمِ أنْ يَكُونَ الوَالِي
عَادِلاً مِثلَ عُمَرَ وَمِثلَ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ، لَيْسَ بِلاَزمٍ هَذَا،
وَالدّنيَا تَتَغَيّر، والعِلمُ يَضعُفُ، وَالدِّينُ يَضعُفُ فِي آخِرِ
الزَّمَانِ، وَلاَ بُدَّ أنْ تَلزَمَ جَمَاعةَ المُسلِمِين عَلَى مَا فِيهِم،
تَلزَمُ إِمَامَ المُسلِمِين علَى مَا فِيهِ مِن ظُلمٍ لِلنَّاسِ أوْ فِسْقٍ فِي
دِينِهِ، دُونَ الكُفْرِ.
حَنَانَيْكَ!
بَعْضُ الشّرِّ أَهوَنُ مِن بَعضٍ فتَلزَمُ جمَاعَةَ المُسلِمِين وَإِمَامَهُم،
وَإنْ ظَلَمَكَ الوَالِي، أَوْ ظَلَمَ غَيرَكَ، فَالَّذِينَ يَثُورُونَ علَى
الحُكَّامِ الآنَ، وَيَقُولُونَ: ظَلَمَةٌ، أَكَلُوا المَالَ، فَعَلُوا! لَيْسَ
هَذَا هَدْيُ الإِسلاَمِ، هَدْيُ الإِسْلاَمِ: الصَّبْرُ مَعَ السَّعْيِ
بِالإِصْلاَحِ مَا اسْتَطَاعُوا، وَالصَّبْرُ عَلَى مَا يكُونُ مِن المَشَاقِّ،
الصّبْرُ عَلَى ذَلِك.
وَلاَ
تَنْسُوا قَاعِدةَ ارتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْن لِدَفعِ أَعلاَهُمَا، وَدَرْءِ
المَفَاسِدِ، هَذِه قَاعِدَةٌ - أيْضًا -: دَرْءُ المَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى
جَلْبِ المَصَالِحِ، فَهَذِه قَاعِدةٌ عَظِيمَةٌ فِي الإِسْلاَمِ.
الإِمَامُ
أَحْمَدُ رحمه الله إِمَامُ أَهلِ السّنَّةِ مَاذَا عُمِلَ مَعَه لِيَقُولَ
بِخَلقِ القُرْآنِ؟ ضُرِبَ، وسُجِنَ، وعُذِّبَ، وَوَصَلَ الأَمرُ إِلَى
التَّهْدِيدِ بِقَتلِهِ، فَحُمِلَ إِلَى المَأمُونِ لِيَقْتُلَه، ولَكِنْ صَبَر،
وَلَم يَخْرُجْ عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ.
لاَحِظْ!
لَم يَخْرُجْ عَلَى وَلِيِّ الأَمرِ؛ صَبَرَ عَلَى التَّعذِيبِ، صَبَر عَلَى
الفِتنَةِ، وَلَم يَخْرُجِ، حَاوَلُوا مَعَهُ أنَّه يَخرُجُ، فَأَبَى، يَقُولُ: «الدِّمَاءُ، الدِّمَاءَ»،
فَيُحَذِّرُهُم مِن ذَلِكَ؛ مِن فِقْهِهِ رحمه الله وَشَفَقَتُه عَلَى الأُمَّةِ،
فَهَذَا مِثَالٌ.
شَيخُ
الإِسْلاَمِ ابنُ تَيْمِيَةَ مَاذَا جَرَى علَيهِ مِن وُلاَةِ عَصْرِهِ وَعُلمَاءِ
عَصرِه؟