×
شرح كتاب الفتن والحوداث

وَلِمُسْلِمٍ وأَبِي دَاوُدَ: «إِنْ كَانَ لِلَّهِ خَلِيفَةٌ فِي الأَْرْضِ فَضَرَبَ ظَهْرَكَ، وَأخَذَ مَالَكَ، فَأَطِعْهُ، وَإِلاَّ فَمُتْ، وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ»، قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مَعَهُ نَهْرٌ وَنَارٌ، فَمَنْ وَقَعَ فِي نَارِهِ، وَجَبَ أَجْرُهُ، وَحُطَّ وِزْرُهُ، وَمَنْ وَقَعَ فِي نَهْرِهِ، وَجَبَ وِزْرُهُ، وَحُطَّ أَجْرُهُ»، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ هِيَ قِيَامُ السَّاعَةِ» ([1]).

****

العُلَمَاءُ صَارُوا ضِدَّه، وَالوُلاَةُ ضِدُّهُ، وَسُجِنَ، وَمَاتَ فِي السِّجْنِ، وَمَعَ هَذَا صَبَرَ، وهُو لَه أَتْبَاعٌ لَو يُرِيدُ كَانُوا خَرَجُوا عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ. لَكِنْ لَيسَ هَذَا هَدْيُ الإِسْلاَمِ، هَدْيُ الإِسْلاَمِ الصَّبْرُ عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ المُسلِمُ، وَلَو كَانَ ظَالِمًا، وَلَو كَانَ فَاسِقًا؛ لأَِنَّ ذَلِكَ أَخَفُّ مِن ضَيَاعِ الكَلِمَةِ وَتَفْرِيقِ الجَمَاعَةِ.

فهَذِه قَوَاعِدٌ عَظِيمَةٌ تُعطِيكُم دَفْعَةً قَوِيّةً فِي مِثْلِ هَذِه الفِتَنِ وَالشُّرُورِ، وتُعطِيكُمْ مُضَادًّا ضِدَّ دُعَاةِ الضَّلاَلِ الآَنَ، الَّذِينَ تَعْلَمُون مَكَايِدَهُم وَشَرَّهُم عَلَى المُسلِمِين، وَلاَ يَرُدُّ كَيْدَهم إِلاَّ الصَّبْرُ علَى الجَمَاعَةِ وَلُزُومُ الطَّاعَةِ، هَذَا يَرُدُّ كَيدَهُم، وَهَذَا هُو الّذِي أَوْصَانَا بِه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

****

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كَانَ للهِ خَلِيفَةٌ فِي الأَرْضِ»؛ يعني: ولي الأمر، خليفة: ﴿إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ [البقرة: 30].

المُرَادُ بِالخَلِيفَةِ: الَّذِي يَخْلُفُ مَن قَبْلَه: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمۡ خَلَٰٓئِفَ ٱلۡأَرۡضِ [الأنعام: 165]، فَالمُرَادُ بِالخَلِيفَةِ: الَّذِي يَخلُفُ مَن قَبلَهُ، وَلَيْسَ الخَلِيفةُ خَلِيفَةُ اللهِ، هَذَا لاَ يَجُوزُ أنْ يُقَالَ: خَلِيفَةُ اللهِ؛ اللهُ لَيْسَ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1847)، وأبو داود رقم (4244).