لَه
خَلِيفَةٌ سبحانه وتعالى، الخَلِيفَةُ إِنَّمَا يَكُونُ عَن المَخْلُوقِ، الَّذِي
يَنُوبُ عَنهُ، مَن يَنُوبُ فِي تَصْرِيفِ الأُمُورِ، يَخلُفُه بَعْدَه،
فَالخَلِيفَةُ تَكُونُ بَيْنَ الخَلقِ بَعضُهُم مَعَ بَعضٍ، أمَّا اللهُ جل وعلا،
فَلَيْسَ لَه خَلِيفَةٌ؛ بَل اللهُ هُوَ الخَلِيفَةُ - سُبْحَانَه -؛ كَمَا
يَقُولُ المُسَافِرُ عِنْدَمَا يَرْكَبُ: «اللَّهُمَّ
أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ»، اللهُ هُوَ
الخَلِيفَةُ عَلَى أَهلِكَ؛ يَتَوَلاَّهُم، وَيَحفَظُهُم لَكَ فِي غِيَابِك؛
فَاللهُ هُو الخَلِيفَةُ.
والنَّبي
صلى الله عليه وسلم قَالَ: «غَيْرُ
الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فَأَنَا
حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ
نَفْسِهِ وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» ([1])؛
يَعنِي: أنَّ اللهَ يَحفَظُ كلَّ مُسلِمٍ وَقتَ ظهُورِ الدَّجَّالِ، يَكُونُ
خَلِيفةً لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
فَلاَ
يُقَالُ: «خَلِيفَةُ
اللهِ»؛ هَذَا غَلطٌ، وَإِنَّمَا الخَلِيفَةُ مَعْنَاهُ: مَن يَخْلُفُ
مَن قَبْلَه مِن السَّلاَطِينِ وَمِن الوُلاَةِ، فَإِذَا كَانَ فِي الأَرضِ
خَلِيفَةٌ، يَسَّرَه اللهُ سبحانه وتعالى.
فقَولُه صلى الله عليه وسلم: «إنْ كَانَ للهِ خَلِيفَةٌ»؛ يَعنِي: أنَّ اللهَ جَعَلَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ عَلَى مَا كَانَ مِن حَالِه - كَمَا سَبَقَ -، فَاسْمَعْ، وَأَطِعْ، وَإنْ أَخَذَ مَالَك؛ سَلَبَ مَالَكَ، وَضَرَبَ ظَهْرَكَ، مَا دَامَ أنَّه خَلِيفَةٌ لِلمُسلِمِين وَلِيُّ أَمرٍ، فَعَلَيكَ السَّمعُ وَالطَّاعَةُ، ولاَ تَقُلْ: إنْ أَعْطَانِي شَيْئًا، وَأَعْطَانِي مَالاً، أوْ إنْ كَفَّ الظُّلْمَ عَنِّي، وَإِلاَّ سَأَخْرُجُ عَلَيهِ. لاَ يَجُوزُ، هَذَا لَيْسَ مِن هَديِ الإِسْلاَمِ: ﴿وَمِنۡهُم مَّن يَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُواْ مِنۡهَا رَضُواْ وَإِن لَّمۡ يُعۡطَوۡاْ مِنۡهَآ إِذَا هُمۡ يَسۡخَطُونَ﴾ [التوبة: 58]؛ هَؤُلاَءِ المُنَافِقُون.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2937).