×
شرح كتاب الفتن والحوداث

فَالإِنْسَانُ لاَ يُطِيعُ الخَلِيفَةَ أَوْ وَلِيَّ الأَمرِ مِن أَجْلِ الطَّمَعِ؛ هَذِه طَرِيقَةُ المُنَافِقِينَ، أمَّا المُؤمِنُ، فَهُو يَصبِرُ، وَيَسمَعُ، وَيُطِيعُ، وَلَو كَانَ الخَلِيفَةُ يَأخُذُ مِنهُ، وَلاَ يُعطِيهِ، وَلَو كَانَ الخَلِيفَةُ يَضرِبُ ظَهْرَه، وَيَسجُنُه، يَصبِرُ عَلَى ذَلِكَ.

إذَا كَانَ للهِ خَلِيفَةٌ فِي الأَرْضِ، أَوْصَى صلى الله عليه وسلم بِأنْ يَسمَعَ لَه، وَيُطَاعَ، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا لِلنَّاسِ؛ لأَِنَّ ظُلمَهُ أَخَفُّ مِن الخُرُوجِ عَلَيهِ وَشَقِّ عَصَا الطَّاعَةِ. وكَونُه يَصبِرُ عَلَى ضَرَرٍ جُزْئِيٍّ - يَقَعُ عَلَيهِ - أَخَفُّ مِن الضَّرَرِ الكُلِّيِّ، الَّذِي يَكُونُ عَلَى الأُمَّةِ فِي الخُرُوجِ عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ.

فهَذَا أَمرٌ عَظِيمٌ، وَمَبْدَأٌ عَظِيمٌ، وَأَصْلٌ عَظِيمٌ، وَهُو الانْضِمَامُ مَعَ جمَاعَةِ المُسلِمِينَ، وَلُزُومُ طَاعةِ وَلِيِّ أَمرِهِم، مَهْمَا كَانَ الحَالُ مِن المَشَقَّةِ؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِن المَصَالِحِ العَظِيمَةِ، وَدَفعِ الشَّرِّ، وَدَفعِ العَدُوِّ الأَكبَرِ.

الكفَّارُ يُشَجِّعُون عَلَى شَقِّ عصَا الطَّاعَةِ، وَيَقُولُونَ: «الحُرِّيَّةُ وَالدِّيمُقْرَاطِيَّةُ»، يُشَجّعُون علَى هَذَا، قَصدُهُم مِن هَذَا حَلُّ جمَاعَةِ المُسلِمِينَ، هَذَا قَصدُهُم مِن الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَمِن كَذَا، وَمَا الدِّيمُقرَاطِيّةُ عِنْدَهُم؟ الحُرِّيّةُ البَهِيمِيَّةُ، يَتْرُكُون الإنْسَانَ عَلَى هَوَاهُ، هَذِه الدِّيمُقْرَاطِيّةُ، حُرّيَّةٌ بَهِيمِيَّةٌ تَقْتُلُ العَقِيدَةَ وَالأَخْلاَقَ، يُصبِحُ الإِنْسَانُ مِثْلَ الحَيَوَانِ، هَذِه الدِّيمُقْرَاطِيّةُ عِنْدَهم.

أمَّا الإِسْلاَمُ، فَلاَ؛ الحُرّيَّةُ شَرْعِيَّةٌ، لَيْسَت حُرِّيَّةً دِيمُقْرَاطِيّةً، الحُرِّيّةُ فِي الشَّرِيعَةِ؛ الإِنْسَانُ حُرٌّ فِي مَالِهِ؛ يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَلاَ يُحجَرُ عَلَيهِ، إِلاَّ لِسَببٍ، الإِنْسَانُ حُرٌّ فِي تَصَرُّفَاتِه فِي حُدُودِ الشَّرعِ بِانْضِبَاطٍ؛ لأِنَّ


الشرح