ومِنْهَا فِتنُ الأَمْوَالِ وَالأَولاَدِ. فِتنٌ
كَثِيرَةٌ تَظهَرُ أَكثَرَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، يَنشَغِلُ النَّاسُ بِهَا عَن
دِينِهِم وَعمَّا يَنفَعُهم أوْ يَشغَلُهُم؛ إمَّا أَنَّهم هُم يَنشَغِلُون بِهَا،
وإمَّا أَنَّها هِيَ تَشغَلُهُم وَتُلهِيهِم عمَّا سِوَاهَا.
سَابِعًا:
«وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ»؛ الهَرْجُ
هْوَ الْقَتْلُ، مِن غَيرِ سَببٍ، والآنَ تَرَوْنُ مَنْ يَتَقَاتَلُون، وَلَيْسَ
هُنَاكَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ، إنَّمَا مَوجَةُ قَتلٍ، قَد يَقتُلُ الأَخُ أَخَاهُ،
وَالوَالِدُ ابْنَه، والقَرِيبُ قَرِيبَه، مِن غَيرِ سَببٍ؛ لأنَّ القَتْلَ إذَا
اشْتَعَلَ بَيْنَ النَّاسِ، انْتَشَرَ، وَصَعُبَ إِطْفَاؤُه، ولاَ سِيَّمَا إذَا
تَيَسَّرَتْ آلاَتُ القَتلِ وَالدَّمَارِ.
كَانَ
بِالأَوَّلِ القَتلُ بِالسِّلاَحِ؛ بِالسَّيفِ بِالبُندُقِيّةِ، لَكنَّ الآنَ -
وَالعِيَاذُ بِاللهِ - وَسَائِلُ مُدَمِّرَةٌ لِلقَتلِ؛ آلاَتٌ فَتّاكةٌ: نَسْفٌ
بِالصَّوَارِيخِ، بِالدَّبَّابَاتِ، بِالقَنَابِلِ - وَالعِيَاذُ بِاللهِ -،
يَمُوتُ فِيهَا خَلقٌ.
«يَكْثُرَ الْهَرْجُ»؛
يَعنِي: القَتْلَ، هَذِه مِن عَلاَمَاتِ السَّاعَةِ، وَهَذَا كَمَا تَعلَمُون
الآنَ شَيْئًا مِنهُ.
ثَامِنًا: «وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ فيَقُولُ الَّذِي يَعْرِضُهُ: لاَ أَرَبَ لِي بِهِ»، وَهَذَا مِن الفِتنِ، فَالمَالُ فِتنةٌ: ﴿إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ﴾ [التغابن: 15]، فَكثرَة المَالِ لَيْسَتْ عَلامَةَ خَيرٍ، هِي عَلاَمةُ فِتنَةٍ؛ لأنَّ النَّاسَ يَنصَرِفُونَ عَن دِينِهِم، ويَنشَغِلُونَ بِالمَالِ، النَّاسُ يَتَقَاتَلُونَ عَلَى المَالِ وَالطَّمَعِ، النَّاسُ يَتَحَاسَدُونَ عَلَى المَالِ... إِلَى آخِرِه، فَالمَالُ فِتنَةٌ مِن وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، إلاَّ مَن وَفَّقَهُ اللهُ.