×
شرح كتاب الفتن والحوداث

أيْضًا المَالُ فِتنَةٌ فِي اكتِسَابِه؛ يَكُونُ مِن رِبَا، مِن رِشْوَةٍ، مِن غِشٍّ، مِن قُمَارٍ،... إلَى آخِرِهِ. وَيَكُونُ - أَيضًا - فِتنَةً فِي تَصرِيفِهِ وَإِنفَاقِه؛ يُنفِقُه فِي المَلاَهِي، فِي اللَّعِبِ، فِي الشَّهَواتِ المُحرَّمَةِ، وَأَعظَمُ ذَلِك يُنفِقُهُ فِي الصَّدِّ عَن سَبِيلِ اللهِ، وَقَتلِ المُسلِمِين، وَغَيرِ ذلِكَ.

فَإِذَا كَثُرَ المَالُ، كَثُرَ الأَغنِيَاءُ، وَقَلَّ الفُقَرَاءُ؛ فصَاحِبُ الزَّكاةِ لاَ يَجِدُ مَن يَقبَلُها فِي آخِرِ الزَّمَانِ؛ لِكَثرَةِ المَالِ وَفَيْضِ المَالِ، حتَّى يَرِدَ المَدفُوعُ إِلَيهِ المَالَ زَكَاةً، يَرُدُّ هَذَا، يَقُولُ: «لاَ رَغْبَةَ لِي فِيهِ».

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ»، وهَذِه مِن عَلاَمَاتِ السَّاعَةِ؛ يَنشَغِلُ النَّاسُ بِالمَبَانِي والتَّطَاوُلِ فِيهَا؛ أَرْبَعِينَ دَوْرًا، خَمْسِينَ دَوْرًا، مِائةَ دَورٍ،... إلَى آخِرِه.

مَا رَغبَتُكَ فِي البُنيَانِ هَذَا؟ مَا حَاجَتُكَ فِي البُنيَانِ هَذَا؟

لكنَّه تَبَاهٍ؛ مِن بَابِ المُبَاهَاةِ: «أَنَا أَرْفَعُ مِنْكَ بِنَاءً، وأَنَا أَرْفَعُ مِنكَ أَدْوَارًا»، والثَّانِي يَقُول: «لاَ، أَنَا أَرْتَفِعُ أكثَرَ»، وَهَكَذَا: «أَنْ تَجِدَ الحُفَاةَ العُرَاةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي البُنيَانِ» ([1]).

كَانَ أَهْل البَادِيَةِ يعيشون في بُيُوتِ الشَّعْرِ المُتَنَقِّلَةِ، أمَّا فِي آخِرِ الزَّمانِ فيَثْرَي البَدوُ بِالأَموَالِ، وَيَتَحَوَّلُونَ مِن البَادِيَةِ إلَى الحَاضِرَةِ، وَيَتَطَاوَلُون فِيمَا بَيْنَهُم، وَهُم كَانُوا يَسْكُنُونَ فِي بُيُوتِ الشَّعْرِ، وفِي آخِرِ الزَّمانِ يَسكُنُونَ فِي القُصُورِ، وَفِي الأدْوَارِ المُرتَفِعَةِ، هَذَا مِن عَلاَمَاتِ السَّاعةِ، وَقَدْ وَقَعَ الآنَ، كَمَا تَرَوْنَ.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (8).