×
شرح كتاب الفتن والحوداث

لاَ نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؛ فهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ؛ كَمَا قَالَ اللهُ جل وعلا: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَۗ [الأحزاب: 40]، آخِرُ النَّبيِّينَ هُو صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، لاَ نَبِيَّ بَعْدِي» ([1])، لَكنْ مَعَ هَذَا يَظهَرُ مَن يَدَعِي النّبوَّةَ؛ مِن بَابِ الابْتِلاَءِ وَالامْتِحَانِ لِلنّاسِ، ويَتبَعُه أَتبَاعٌ مَعَ أنَّه كَذّابٌ، يَتبَعُه أَتْبَاعٌ مِن النَّاسِ؛ إمَّا رَغبَةً، وَإِمَّا رَهبَةً.

وقَد ظَهَرَ مَا أَخبَرَ بِه صلى الله عليه وسلم، وَظَهَر الكذَّابُونَ الَّذِينَ ادَّعُوا النبُوَّةَ، أوَّلُهم: مُسَيْلِمَةُ الكذَّابُ، وَالثَّانِي: الأَسْوَدُ العَنْسِيّ.

مُسَيْلِمَةَ هَذَا فِي اليَمَامةِ - فِي بِلاَدِ نَجدٍ -، قَاتَلَهُ أبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه حتَّى قُتِلَ، وَالأَسوَدُ العَنسِيّ فِي اليَمنِ قَتَلَه المُسلِمُون الَّذِين حَوْلَه، اسْتَرَاحَ المُسلِمُون مِن شَرِّ هَذَيْنِ الكَذَّابَيْنِ اللّذَيْن ظَهَرَا فِي آخِرِ حَياةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ثمَّ تَوَالَى ظهُورُ المُتَنَبّئِينَ الكَذَبَة، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «كَذَّابُونَ ثَلاَثُونَ» ([2])؛ ثَلاَثُونَ، وَالعَدَدُ هُنَا لَيْسَ لِلحَصرِ، يَظهرُ أَكثَرُ مِنهُم، وَلَكِنَّ الَّذِينَ يَكُونُ لَهُم شَأنٌ هُم بِهَذَا العَددِ، وَإِلاَّ فَهُم أَكثَرُ مِن هَذَا، وَلَكنْ لاَ يُشتَهَرُ أَمرُهم مِثلَ هَؤُلاءِ الثَّلاَثِينَ.

النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَنَا بِذَلِك مِن أَجلِ أنْ نَأخُذَ حِذْرَنَا مِن الفِتَنِ - ظهُورَ الكَذَّابِينَ -؛ لأنَّ بَعْضَ النَّاسِ يُطِيعُهم، وَيَنقَادُ مَعَهُم، وَيُقَاتِلُ مَعَهَم، وَقَد حَصَلَ هَذَا.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4252)، وابن ماجه رقم (3952)، وأحمد رقم (22395).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (4252)، وابن ماجه رقم (3952)، وأحمد رقم (22395).