×
شرح كتاب الفتن والحوداث

وهَذَا فِيهِ التَّحذِيرُ مِن التَّعَالُمِ وَالمُتَعَالِمِين، الّذِينَ يَأخُذُون العِلمَ عَن الكتُبِ وَعَنْ الأَشرِطَةِ، وَلاَ يَحضُرُونَ عِندَ العُلمَاءِ، وَلاَ يَتَعَلَّمُون علَى أَيدِي العُلمَاءِ؛ لأنَّ العِلمَ بِالتّلقِّي، لَيْسَ بِالقِرَاءةِ فَقَطْ، العِلمُ بِالتَّلَقِّي عَن أَهلِ العِلمِ.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً»؛ لأنَّ العُلمَاءَ فُقِدُوا، والنَّاسُ يَحتَاجُونَ إِلَى مَن يُفتِيهِم، إِلَى مَن يَرجِعُون إِلَيهِ، لَم يَجِدُوا إلاَّ هَؤُلاَءِ المُتَعَالِمِين رُؤُوسَ الجُهَّالِ، فَحَصَل الخَطرُ العَظِيمُ.

فهَذَا فِيهِ الحَثُّ علَى طَلبِ العِلمِ، مَا دَامَ العُلَمَاءُ مَوجُودِينَ، فَنَسْتَدرِكُ الأَمْرَ، ونَطلُبُ العِلمَ عَلَى أَيدِي العُلمَاءِ، وَلاَ نَقتَصِرُ عَلَى الكُتبِ، أوْ عَلَى المُتَعَالِمِين وَالقُرَّاءِ، وحتَّى لَو حَفِظَ الإِنْسَانُ القُرَآنَ، وَحَفِظَ المُتُونَ، وَحَفِظَ الأَحَاديثَ وَالصِّحَاحَ، وَلَيْسَ عِندَه فِقهٌ وَفَهمٌ لِهَذَا، وَإِنَّما يَعتَمِدُ علَى الحِفظِ فَقَطْ، وَهُو لاَ يَفهَمُ المَعَانِي، فَلَيسَ فِيهِ فَائِدةٌ؛ هَذَا ضَرَرُه أَكثَرُ مِن نَفعِهِ - إنْ كَانَ فِيهِ نَفْعًا.

رَابِعًا: مِن الفِتَنِ: «وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ»؛ جَمعُ زِلزَالٍ -وَالعِيَاذُ بِاللهِ-، وَهُو حَرَكةُ الأَرضِ.

الأَرضُ جَعَلَها اللهُ قَرَارًا وَثَابِتةً، وَأَرْسَاهَا بِالجِبَالِ؛ لِيَعِيشَ النَّاسُ عَلَى ظَهرِهَا، فَفِي آخِرِ الزَّمَانِ يَكثُرُ اضْطِرَابُ الأَرضِ وَالزَّلاَزِلُ؛ فيَتَدمَّرُ كَثِيرٌ مِن البِلاَدِ؛ كَمَا هُو الوَاقِعُ الآنَ، وَكَمَا تَسمَعُونَ عَن هَذِه الزَّلازِلِ، الّتِي يَتَدمَّرُ فِيهَا خَلقٌ كثِيرٌ وَبِلادٌ كَثِيرةٌ.


الشرح