ولأبِي دَاوُدَ
عَن ابْنِ عُمَرَ، يَقُولُ: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم، فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرِهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ
الأَْحْلاَسِ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا فِتْنَةُ
الأَْحْلاَسِ؟ قَالَ: «هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ، دَخَنُهَا
مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي،
وَلَيْسَ مِنِّي، وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ
النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ، لاَ
تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الأُْمَّةِ إِلاَّ لَطَمَتْهُ لَطْمَةً، فَإِذَا
قِيلَ: انْقَضَتْ، تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي
كَافِرًا، حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ، فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لاَ
نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لاَ إِيمَانَ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ
فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ، مِنْ يَوْمِهِ، أَوْ مِنْ غَدِهِ» ([1]).
****
وهَذَا مَنْ جُمْلَةِ الأَْحَادِيثِ الَّتِي
ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا مَا يَحْدُثُ مِن الْفِتَنِ،
وَالْمُهِمُّ فِي هَذَا أن بَعْضهَا قَدْ يَحْدُثُ عَلَى رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ
مِنْ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهْوَ لَيْسَ مِنْهُ.
ثُمَّ
لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِن الْبَيْتِ، وَهْوَ لاَ يَتَمَسَّكُ بِسُنَّةِ الرَّسُولِ
صلى الله عليه وسلم؛ فَلاَ يَنْفَعُهُ كَوْنه أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، ولا
يَكُون مِنْ أَوْلِيَاءِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، إلاَّ مَنْ سَارَ عَلَى
نَهْجِهِ، وَتَمَسَّك بِسُنَّتِهِ، فَلَيْسَتْ الْعِبْرَةُ بِالْقَرَابَةِ فَقَطْ،
وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِالْقَرَابَةِ مَعَ الاِسْتِقَامَةِ.
فَمَنْ اسْتَقَامَ عَلَى دِينِ اللَّه - ولَو لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ -، فَهُوَ عَلَى خَيْرٍ، وَيُنْتَفَعُ بِهِ، وَمَنْ انْحَرَفَ عَنْ دِينِ اللَّه، فَلاَ يَنْفَعُهُ كَوْنُه مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُ غَايَةَ الْحَذَرِ، هَذِهِ مُهِمَّةٌ جدًّا.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4242).