×
شرح كتاب الفتن والحوداث

وَلَهُ عَنْ عُدَيْسَةَ بِنْتِ أُهْبَانَ، قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ هَاهُنَا الْبَصْرَةَ، دَخَلَ عَلَى أَبِي، فَقَالَ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ أَلاَ تُعِينُنِي عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَدَعَا جَارِيَةً لَهُ، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ أَخْرِجِي سَيْفِي، قَالَ: فَأَخْرَجَتْهُ، فَسَلَّ مِنْهُ قَدْرَ شِبْرٍ، فَإِذَا هُوَ خَشَبٌ، فَقَالَ: «إِنَّ خَلِيلِي وَابْنَ عَمِّكَ صلى الله عليه وسلم، عَهِدَ إِلَيَّ إِذَا كَانَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَتَّخِذُ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ، فَإِنْ شِئْتَ خَرَجْتُ مَعَكَ»، قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيكَ وَلاَ فِي سَيْفِكَ ([1]).

****

 عَلَيُّ بنُ أَبِي طَالِب رضي الله عنه فِي خِلاَفَتِهِ، الْخَلِيفَةُ الرَّابِعُ مِن الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رضي الله عنهم، فِي وَقْتِه حَصلَتْ الْفِتْنَةُ الشَّدِيدَةُ بِسَبَبِ مَقْتَل عُثْمَانَ رضي الله عنه.

عَلَيّ رضي الله عنه تَوَلَّى الْخِلاَفَةَ، وَلَكِنْ لَمْ يَتِمْ لَهُ الأَمْرُ رضي الله عنه؛ لأَنَّ الْفِتْنَةَ شَدِيدَةٌ، وَالنَّاسَ مُخْتَلِفُونَ، فَقَمَعَ اللَّهُ بِهِ الْخَوَارِجَ شِرَارَ الْخَلْقِ، وَقَتلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً فِي النَّهْرَوَانِ، فأَخْمَدَ شَرَّهمْ رضي الله عنه.

وَلَكِن لَمْ تَهدَأْ الْفِتْنَةُ؛ فِي النِّهَايَةِ تَآمَرُوا عَلَيْهِ، وَقَتَلُوهُ رضي الله عنه، هُوَ يُرِيدُ إخْمَادَ الْفِتْنَةِ، وَأَنْ تَسْتَتِبَّ الْخِلاَفَةُ عَلَى مَا كَانَتْ فِي زَمَنِ إخْوَانِهِ مِن الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رضي الله عنهم، وأدَّى مَا عَلَيْهِ رضي الله عنه، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ، إِلَى أن اسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَحِقَ بِإِخْوَانِهِ مِن الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رضي الله عنهم.

فَهَذَا مَوْقِفُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيِّ بن أَبِي طَالِب رضي الله عنه مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ؛ أَنَّهُ قَاوَمَهَا، وَحَاوَلَ إخمادها، وَحَصَلَ عَلَى يَدِهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ بِقَمْعِ الْفِتْنَةِ، ثُمَّ قُتِلَ شَهِيدًا رضي الله عنه راضيًا مرضيًّا عِنْدَ اللَّهِ عز وجل.


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (3960).