ولأَِبِي دَاوُدَ:
عَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ،
يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا،
وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْمَاشِي
فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ، وَقَطِّعُوا
أَوْتَارَكُمْ، وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَإِنْ دُخِلَ -يَعْنِي-
عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ، فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ» ([1]).
****
هَذَا - كَمَا سَبَقَ - أَنَّهُ تَحْدُثُ فُتِنٌ
عَظِيمَةٌ، وَأَنَّ الْمُسْلِمَ يَتَقَاصَرُ عَنْهَا مَهْمَا أَمْكَنَهُ، ولا
يَتَقَدَّمُ إِلَيْهَا.
قَوْلُهُ
صلى الله عليه وسلم: «الْقَاعِدُ فِيهَا
خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي»؛ كَلَّمَا
تَقَاصَرَ الإِْنْسَانُ عِنْ الْفِتْنَةِ وابتعد عَنْهَا، فَهُوَ أَفْضَلُ،
وَأَحْفَظُ لِدِينِهِ، وَأَسْلَمُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ؛
لأَنَّ الإِسْلاَمَ حَرِيصٌ عَلَى حِفْظِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ - مَهْمَا
أَمْكَنَ -، ولا يُشَارِكُ فِيهَا؛ لأَنَّهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إنْ قُتِلَ،
قُتِلَ مُسْلِمًا؛ فَالسَّلاَمَةُ خَيْرٌ.
قَوْلُهُ
صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ دُخِلَ - يَعْنِي - عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ»؛ يَجْلِسُ فِي
بَيْتِهِ، ولا يَخْرُجُ، إن دُخِلَ عَلَيْهِ وَهْوَ لاَ يَذْهَبُ إِلَى
الْفِتْنَةِ، لَكِنْ لَوْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ - دَخَلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يُرِيدُ
قَتْلَه -، فَلِيَسْتَسْلِمْ ولا يُدَافِعُ؛ لأَنَّهُ إِذَا دَافَعَ زَادَ
الْفِتْنَةَ، وَإِذَا كَفَّ سَلِمَ مِنْهَا..
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ»: ﴿وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَيۡ ءَادَمَ﴾ [المائدة: 27]؛ اللَّذَيْن حَسَدَ أَحَدُهُمَا الآَخَرَ، وَ﴿قَالَ لَأَقۡتُلَنَّكَۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: 27]، هُوَ حَسَدَهُ لَمَّا تَقَبَّلَ اللَّهُ قُرْبَانَهَ،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4259).